مئة عام أخرى
توحدت المطالب وانسجمت الخطابات السياسية والقانونية من قبل السياسيين والكتّاب والصحفيين إزاء الذكرى المئوية لوعد بلفور، التي جاء ت مطالبة بـ " تقديم بريطانيا الاعتذار عن الخطأ التاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني"، بالطبع وجب على بريطانيا الاعتذار للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور المشؤوم وعلى ما اقترفته بحقهم من ويلات الظلم والقهر والإبادة والتشريد والقتل والتهجير ، لكن هل يعتبر هذا الوعد الاستعماري خطأ حسب خطاباتكم ومطالبكم القانونية ؟؟!.
لم يكن وعد بلفور خطأ تاريخي بل هو بيان تاريخي رسمي من بريطانيا، أعطى الحق للصهاينة بإقامة دولتهم المزعومة على أرض فلسطين التاريخية ، وعلى إثره قامت دولة للكيان الصهيوني.
حينما أصدر آرثر بلفور وعده بتاريخ 2/11/1917 ، كانت الحكومة البريطانية الاستعمارية تسعى إلى توفير سبل الوسائل التي تمكّن الصهاينة من تحقيق حلمهم وهو" إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين " ، فكانت تنظم وتموّل الهجرات اليهودية غير شرعية إلى فلسطين ، وقد ساهمت بإنشاء المستوطنات لهم ، وبالمقابل كانت تقوم بقمع الشعب الفلسطيني من خلال نزع السلاح منهم وإخماد الثورات الفلسطينية، حتى قال آرثر بلفور: بعد إصداره لهذا الوعد " لقد أعطيناهم فرصتهم العظيمة" .
فلو نظرنا إلى هذه المطالب التي أشار إليها السياسيون والصحفيون والكتاب، لأدركنا بأننا مازلنا جبناء، بسطاء بمطالبنا ، نحتفي بالقوانين الدولية ، ونهلل بها بالمحافل الدولية ولا نجرؤ على قول الحق أمام عدونا، دائما نجمّله ، بل نعتبره صديقنا ، نقف أمامه لكن لا نستطيع مواجهته، أنا مع أن هذا الاعتذار يكفل بطلان قيام الكيان الصهيوني ، ويرد الاعتبار للشعب الفلسطيني، لكن لا ننسى بأن الشهيد وأم الشهيد بل واستمرار النضال الفلسطيني رد اعتبارنا أمام هذا الاحتلال الذي مازال مستمرًا بانتهاكاته وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني دون خوف ولا ردع، من أي قوانين دولية، ولا مجتمع دولي بل تمادى بغطرسته وسرقته للأرض.ومن جهة أخرى كان على رأس هذه المطالب الاعتراف بدولة فلسطين ، بالطبع على حدود 67 فأي دولة فلسطينية التي تتحدثون عنها هذه؟
عند الحديث عن القضية الفلسطينية لا يجوز أن نتجاهل نقطة على حساب الأخرى أوننافق بالمواقف.
اليوم بريطانيا ستحتفل بمرور 100 عام على وعد بلفور دون حياء ولا خجل ، حيث سيقام احتفال بهذه المناسبة على شرف رئيس وزراء الاحتلال نيتنياهو بعد ماقامت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بدعوته لحضور الحفل ، وبالمقابل رفضت بريطانيا الاعتذار للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور وأكدت أن هذا بيان تاريخي لا يجوز التراجع عنه لكنها تستطيع أن تدعم السلام بين الطرفين. هذا يجعلنا أن ندرك بأننا أمام 100 عام أخرى تخبرنا باستمرار تبعيات وعد بلفور.