لوموا أنفسكم ولا تلوموا نوابكم
أكاد أجزم أن نسبة عالية من الأردنيين تابعوا جلسة التصويت على الثقة بحكومة الدكتور هاني الملقي يوم الأحد المنصرم ، كما أجزم أن غالبية من تابعوا لم يتوقعوا غير ما ماكان من تجديد للثقة بالحكومة .... ذلك لأن أداء هذا المجلس لم يوحي يوما بأنه سيلبي رغبة ناخبيه في أي حدث شعبي يظهر على ساحة السجال بينه وبين الحكومة . ولنا في جلسة اقرار الموازنة خير شاهد ودليل ، وماتلاها من تنصل الحكومة للتفاهمات المزعومة مع المجلس ومنها اعتماد دخل الأثني عشر ألفا بدلا من الثمانية عشر ألفا سنويا أساسا لاستحقاق العائلة الأردنية للدعم .
والراصد لردة فعل الشعب الأردني لنتيجة الجلسة تلك ،يلاحظ غضبا عارما ألم بالناس ، وكأن اسقاط الحكومة كان قاب قوسين أو أدنى ، وأن أحلامهم تحطمت وتناثرت معها سبل الخلاص .
واذا ما استعرضت مواقع التواصل تكاد ترى ازدحاما شديدا لأخذ حيز لمنشور أو لتعليق أو لرسم كاريكاتيري يصف شدة الصدمة وعمق تأثيرها ، لا بل ستعيش حالة من اللافهم لما يكتب ويعرض .
ومما سيثير دافعيتك للتحليل والمقارنة بين ما تستطيع من الكم الهائل المعروض على هذه المواقع هو عرض أسماء من حجب وكأنهم أبطال في حين أن من منح الثقة فهم أعداء .
اننا نرى أن جلسة الثقة هذه سعت الحكومة لها وسهلت الوصول لها وليس أدل على ذلك من عدم استخدام الحكومة لحقها الدستوري بطلب مهلة العشرة أيام ان أرادت ودخلت معترك المواجهة مباشرة،لأن في ذلك سبق سياسي يؤول لإطالة عمرها وترميم أعمدتها بعدما كانت تخشى الرحيل .
أما وقد عقدت الجلسة للتصويت توافقا مع النظام الداخلي للمجلس وبعد مداخلة سطحية من رئيس الحكومة بأنها سترد على مداخلات السادة النواب ان قدر لها وحظيت بثقة المحلس فلا بد من الانصياع لهذا الإستحقاق الدستوري والإعتراف بنتيجته ان وافقت أو خالفت توجهاتنا .
انني اذ أعرض هذه الرؤيا لما شاهدت وتابعت لأجزم أيضا أن الحكومة استطاعت أن تمهد لسيناريوهات جديدة من العلاقة مع المجلس وفق متطلبات هذه المرحلة ، وان تأكيد رئيس الوزراء بعد الثقة مباشرة بأن حكومته لن تتردد في اتخاذ قرارات جديدة لمصلحة الوطن والمواطز على حد تعبيره لهو اعلان مباشر بأن المنتصر يملي شروطه ويعلن خارطة الطريق .
انني أستغرب هذه الهجمة القاسية على مجلس النواب وكأنهم هم من نصبوا أنفسهم نوابا عنوة عن الناس.......!
ألم تكن لكم حرية الاختيار؟
ألستم أنتم من أدرتم حملاتهم الإنتخابية وروجتم لهم ؟
كم نائب حالي جربتموه من قبل ؟ وأخذتم بيده مرة ومرات للمجلس ؟ ألم تلصقوا بتلك الإنتخابات العشائرية والمناطقية والفئوية ؟
كيف مايزتم وفاظلتم بين الكم الهائل ذلك الذي ترشح للإنتخابات ؟
ان الموضوعية في اصدار الأحكام تقتضي منا أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب غيرنا ، وأن القواعد الشعبية يجب أن تتحمل نتائج اختياراتها وتعترف بها ......
فلوموا أنفسكم ولا تلوموا نوابكم وزنوا بالقسطاس المستقيم في الإنتخابات القادمة وانحازوا للكفاءة والقدرة على التمثيل لا لعصبية قاتلة ولا لمصالح زائلة .....
فكل المصالح الشخصية تتحطم على صخرة الوطن الذي ينتظر منا جميعا أن نكف عن المكابرة وادعاء الكمال وأن رؤيته هي وحدها الثاقبة وأنه الربان يوم الطوفان......
علموا أنفسكم أن جلد الذات كفارة الذنب ، وأن النظارة السوداء ملت متلازمة الأجفان ،وذيلوا رسائلكم للحياة والناس بتوقيعم لا بتوقيع غيركم ونقطوا حروفكم بأقلام صادقة وازرعوا زرعكم حيث تأملوا الحصاد ، فلا حصاد دونما بيدر والبيدر له عنوان .