من يكتب تاريخنا؟
يبدو أن أكثر الأسئلة التي يجب أن تطرح اليوم، في ظل وجود 'أمية تاريخية' ملحوظة بين أبناء الجيل الصاعد، هو من يكتب لنا تاريخنا؟
إذ لطالما بقيت كتابة التاريخ الأردني إما نتيجة لجهود مؤرخين أسهموا فيها أو بأيدي لجنة رسمية عملت على تحقيب فترات بشكل غير متصل.
وكثيراً ما نتهم الجيل الصاعد أنه لا يحب القراءة، ولكننا أيضاً علينا أن نؤمن بأنه لا يوجد جيل يخلو من القراء ، وقراء هذا الجيل يعزفون عن قراءة المادة الصماء التي تبوب بشكلٍ أكاديمي، ويلجأون إلى العلم بالتاريخ من خلال مصادر إلكترونية، هي في كثير من الأوقات إما موجهة أو غير محمصة ومدققة.
وعلينا أن نعترف أننا حيال التاريخ الأردني أمام أزمة مركبة بحاجة إلى أن نتنبه لها، ويعبر عنها ظواهر عدة بينها إما وجود مشتغلين بالتاريخ مفتقدين لأدوات التحليل والنقد فالتشويق في الكتابة ومخاطبة العقل .. أو وجود نقلة من الوثائق والمصادر فتكتب مادة صماء غير مستساغة للقراءة، فضلاً عن وجود أزمة عزوف عن دراسة التاريخ لدى الجيل الشاب!
والتاريخ حاجة وجدانية، وهو في بعض الدول مناط بإحدى الأجهزة الرسمية للدولة، لتتمكن من بناء ذاكرتها بزخم يكون معيناً على أن تبقى روايتها عن ذاتها هي الدارجة ولا تكون عرضة للتشويه من قبل الآخرين.
ونحن أمام ظاهرة غياب التفكير في التاريخ .. ونعتقد أنه لا يوجد بين الأجيال الصاعدة من يقرأه، رغم تناقض هذه الفكرة مع مفهوم الشعب والفرد فكليهما بحاجة لمعرفة ماضيه، حتى أن بعض الفلاسفة إعتبروها غريزة لديهما.
إذن، نحن أمام سؤالين هما الكتابة ' للتاريخ' ومن هم قراؤه؟ وفي الاجابة على الأول فإننا لليوم لم نصل لمرحلة ممأسسة من الكتابة أمام زخم كبير في الكشف الوثائقي الوطني، وأيضاً نحن أمام قراء لا يجدون من يكتب لهم تاريخهم.
وهذه أزمة يجب الالتفات لها بجدية، فمع الأيام ستجد أن الجيل يحمل ذاكرة مغايرة للحقيقة عن ذاته، وإن استلسم القراء لروايات أخرى سنجد حالة من العداء مع الماضي بين عقول شبابنا، لعدم إدراكهم كينونتهم.
ونحن وطن زخم المواقف والأسلوب في البناء والتشييد ولنا كثير من التضحيات يجب أن نبرزها للنشء لتبقى القيم متصلة.. فمن يكتب تاريخنا إن أسلمنا بوجود قراء له !