الديبلوماسية من اجل السلام
سبعون دولة من بينها الأردن شاركت في جلسة الأمن الدولي الأربعاء الماضي التي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس البرتغالي الأصل ، والذي سبق وأن تقلد مناصب سياسية مرموقة في بلده ، وفي المجلس الأوروبي ، ومنظمة الإشتراكية الدولية ، والأمم المتحدة نفسها ، وكان مفوضا ساميا لشؤون اللاجئين ، وهو الذي قطع على نفسه عهدا بأن تظل الكرامة الإنسانية جوهر عمله .
تلك الجلسة جاءت بمبادرة منه ‹ الدبلوماسية من أجل السلام ‹ محاولا على ما يبدو استعادة إحدى مهام مجلس الأمن الدولي الذي تقع على عاتقه مسؤولية صون السلم والأمن الدوليين ، ويمكنه التحقيق في القضايا التي تهدد الأمن الدولي ، والقيام بالوساطة بين أطراف النزاع ، وتكليف الأمين العام ببذل مساعيه الحميدة بصورة مباشرة أو عن طريق ممثلين يختارهم بنفسه .
لم تكن الجلسة العلنية يوم الأربعاء محل اهتمام ، لا من الأوساط السياسية ولا الإعلامية ، والسبب في ذلك هو الانطباع العام بأن منظمة الأمم المتحدة فقدت دورها وتلاشت فعاليتها منذ أن أمكن التصرف بدونه مع الأزمات لصالح القوى العظمى ، ومنذ تراجعت مواردها المالية ، وانعكاس ذلك على دور المنظمات التابعة لها ، بما في ذلك وكالة الغوث ‹ الأونروا ‹ !
هناك من ينادي الآن بالبحث عن نظام عالمي جديد ، من شأنه كبح جماح الدول الكبرى التي تستطيع إرسال قواتها إلى حيث تريد دون تفويض من مجلس الأمن الدولي ، وأحيانا استخدام المجلس نفسه بما يتناقض مع دوره المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة ، فإذا كان السيد غوتيريس عازما على تفعيل الدور الدبلوماسي للمنظمة الدولية فذلك أمر جيد من حيث المبدأ ، ولكن هل هو قادر على دعوة جميع الدول إلى مراجعة حقيقية لمدى التزامها بالميثاق وبقرارات الشرعية الدولية ، وبدورها في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ؟
لست أقلل من قيمة ما يسعى إليه الأمين العام لاستخدام الوساطة لحل النزاعات الإقليمية ، ودعوته للبحث عن أساليب جريئة ومبدعة للجمع بين السبل والقدرات المتاحة للوساطة ، ولكن الجرأة مطلوبة أيضا لكي تستعيد الشرعية الدولية هيبتها !