التغير والتكيف
لا أسهل ولا أبسط من توجيه الانتقاد عقب كل حدث ينتج عنه خسائر في الأرواح والممتلكات، فتلك المصائب التي تقع ، ومنها السيول الجارفة التي تعرضت لها مناطق مختلفة من الأردن أثارت موجة من الغضب لفداحة الخسائر التي منينا بها ، فكانت الانتقادات تعبيرا عن الألم بفقدان أطفال ومواطنين ، ما كان لنا أن نفقدهم لو أننا تعاملنا مع احتمالات الطقس بشكل منظم.
التغير المناخي ليس مفاجئا لنا ، والتنبؤات الجوية أصبحت الآن أكثر دقة من أي وقت مضى ، ولكن هل هي مجرد نشرة أو بيان يسمعه الجميع عبر وسائل الإعلام والاتصال ، أم أنه يذهب كذلك في الاطار المؤسسي للجهات التي يتوجب عليها أخذ الاحتياطات اللازمة للتعامل مع حالة جوية معينة ، وأخذ القرارات والإجراءات الضرورية لمنع حدوث الأسوأ ؟
وللأسف حتى الجهود الناجحة التي بذلت وتبذل في عمليات الإنقاذ التي حفظت أرواحا كثيرة لا تحظى بالتقدير بسبب وقوع الضحايا ، والكل يتحدث عن التقصير ، وتحميل المسؤولية المباشرة وغير المباشرة ، وفي المحصلة تسود حالة من عدم الرضى ، تصل حد التشكيك بقدرات الدولة على مواجهة من هذا النوع .
يوم السبت الماضي تم تعطيل العديد من المدارس والجامعات ، تحت احتمال هطول أمطار غزيرة على العاصمة عمان ، ولكنه كان يوما مشمسا رغم الغيوم الجزئية ، ولم يلتفت أحد إلى جدوى قرار التعطيل ، والسؤال المحير الآن هل ستتخذ القرارات بهذه الكيفية ، خوفا من تحمل المسؤولية ، أم ذلك اعتراف بعدم القدرة على التعامل بشكل مخطط وممنهج مع الأمور الطارئه ، وكيف يمكننا التعامل مع بقية فصل الشتاء الذي ما زال في بدايته ؟
لدينا في الأردن خطة وطنية للتغير المناخي منذ عام 2013 وإلى عام 2020 ، وفي مضمونها ما يدل على كلفة مالية هائلة لمتطلبات التعامل مع الفيضانات والسيول والكوارث الطبيعية ، والأردن بلد مصنف بأنه دولة غير مساهمة في مشكلة الاحتباس الحراري ، ولكنه معرض كغيره من الدول للمشاكل الناجمة عن الاحتباس والتغير المناخي ، ولدينا كذلك أرضية جيدة للتعامل مع الأزمات ، ولكن تبدو المشكلة في غياب أمرين هامين ، الأول هو عدم اعتماد الخطط الموضوعة ، والثاني هو غياب التنسيق الكافي لضمان حسن تنفيذها لو أنها اعتمدت ، فالتغير المناخي يفرض علينا التكيف مع تلك الحالة الكونية ، وقد حان الوقت لكي نعرف كيف نتكيف !