الحليم من اتعظ بغيره
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (المؤمن القوي خيرٌ واحبّ الى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍّ خير) ونقول (الاردن القوي خيرٌ وأحب الى الله من الاردن الضعيف)-فكيف يكون الأردن قوياً.
يكون قوياً أولاً بإنسانه-هذا الانسان الذي هو الهدف والعنوان وهو الأداة والأسلوب، الانسان الأردني-متعلّم ، مثقف، هو الاستثمار الأمثل-الذي من اجله تبنى الحضارة-ومع ذلك فهذا الانسان وصل الى درجة من الشكوى-والإحباط-مما يحتاج الى جهد وعمل-على الارض-يشعر فيه ان النفق الذي دخل فيه- في نهايته ضوء-الانسان الأردني يحتاج الى اعادة تشكيل في الذهنية والأهداف-الواقع كأرض امتلأت بالحشائش وكثير منها ضررها أكثر من نفعها-فتحتاج الى حراثة جديدة- تطفأ فيها وجوه ملتها الناس وكان ولاؤها مُكلف- تطفأ فيها الحرائق التي يمكن أن تشتعل- وننبت الزرع مكانها-ولا يمكن ان ينبت الزرع الا بشروط جديدة-كلمة مسؤول في اللغة العربية اسم مفعول-فالمفعول هو من يقع عليه الفعل-والمسؤول حسب المصدر المستعمل-ليس عليه مسؤولية-في اللغة العربية الشعب هو السائل-أي اسم الفاعل-وليس اسم المفعول-فكيف نجعل المسؤول وهو اسم مفعول اعلى من اسم الفاعل وهو فاعل-هذه الحال هي التي يجب ان تكون احدى عناوين التغيير المطلوب ولكنه التغيير الذي يحافظ على وحدة الارض والشعب-التغيير الذي لا يؤدي الى الفوضى-فليس كل من حمل شعاراً يمكن تطبيقه بغض النظر عن عواقبه-نحن لا نحتمل التشرذم-والمصير المجهول.
وهذا يردنا الى العنوان (الحليم من اتعظّ بغيره)-نحن اعلم كيف انحرفت مسارات الإصلاح وحرّفت-وكان كثير من وقودها مخلصين، ولكن الإخلاص وحده لا يكفي-لابد من الفطنة والذكاء ، فالمؤمن كيّس فطِن وليس كيس قطن، لا احد لا يريد الإصلاح ومحاربة الفساد والفقر والبطالة-لا احد يريد ان يبقى البلد تحت وطأة أقلية تحكم وأكثرية تجوع-فالبطون الجائعة لا تقبل الوعظ-
الاردن القوي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً هو مطلب كل المخلصين في هذا البلد ولكن ضمن إطار لا يؤدي الى مجهول-وإنما الى طريق واضح هكذا يسير الإصلاح في دول العالم ضمن مسارات ومخاضات، هناك اكثر من طريق للإصلاح الاقتصادي-أوله أن يكون المسؤول قلبه على بلده-نظيف اليد- يعتبر المال العام كمال اليتيم والأرملة لا يأكل منه الا بقدر العنوان الذي حدده الشرع للأكل من مال اليتيم حين كفالته- نحن نسمع أن ابناء البلد يتطايرون صباح مساء الى دول مختلفة- من حق الانسان ان يحافظ على ماله ولكن من حقه على بلده ان تهئ له أفضل وانجع السبل لاستثمار ماله، أصبحت الحقوق طلبات بينما هي في الأصل حقوق لكل مواطن، أنا ادفع ضريبة لأحصل على خدمة وحقّ-حقّي في تعليم أفضل-وصحة أفضل-بأرخص التكاليف كما هي الحال في دول العالم، ابناء الاردن يضحّون اذا طلب منهم الوطن ذلك- ولا يبخلون بشيء، بشرط ان يشعروا بأنهم جزء من هذا الوطن جزء اصيل ويجب ان يكونوا كذلك- ليس لنا الا هذا البلد، ليس معنا جواز اخر ولا فيزا- ولا يملك البعض تذكرة طائرة، وبالتالي نصلح بلدنا-ونستمر بالمطالبة به، الى ان يتم ذلك دون التفريط بالوطن. الراي