أدب التأرنب
هو الكائن الوحيد الذي لا أفكّر باقتنائه مهما كانت الظروف، لا أملك تجاهه أي عاطفة ولا يوجد أدنى كيمياء بيني وبينه تجعلني أشعر بانجذاب أو شفقة لشكله المهزوز.. لا أحب الأرنب مهما ندر أو ارتقى نوعه، باختصار لأن لا شخصية له.. كائن مرتعد، جبان، منفعي، صامت يحمل بياض الدجاجة وشوارب القط، فلا هو دجاجة ولا هو قط.. ناهيك على أنه يمتلك رجلين خلفيتين طويلتين لا يستخدمهما إلا عند التكوّر خوفاً إذا ما واجه آدمياً مثلنا، له ذيل قصير لكنه أيضاً «هزّاز ذنب»، كما أنه يمتلك أذنين طويلتين رمز الغباء الذي طالما سخرنا نحن البشر من الحمار الحبيب لأنه يمتلكهما، مع أن الأرنب يمتلك أذنين تشكلان ثلث جسده من حيث الطول، فإذا أردت أن تمسك أرنباً وتجعله يكفّ عن الصراخ أو الحركة ما عليك إلا أن تمسكه من أذنيه، وهذه الصفة تحديداً لا أحبّها فيه، لأن فيها امتهان وذل وهو يقبل هذا الامتهان.
لاحظت الكثير من الخسّة في معشر الأرانب، على سبيل المثال إذا ما تعرّضت للإزعاج أو الخطر فأنها تأكل صغارها فوراً، بمعنى آخر إذا انزعجت أو خافت تضحّي بأقرب الناس إليها، وهذه صفة أيضاً تجعلني لا أبدي أي تعاطف معها، فهي مزاجية منفعية جبانة أكثر من الحدّ المطلوب.
على العكس من الدجاجة التي تعدّ مهادنة ومسالمة إلا أنها عند الخطر تحمي صغارها وتدافع عنهم بشراسة.. الميزة الوحيدة التي يتمتّع بها الأرنب هي التكاثر، معتبراً أن ما يقوم به انجاز فريد، «شغلته وعمتله» الخلفة، ويصر يشكل غريب أن يكاثر من هذا النسل الجبان ويملأ الأرض من كائنات تقرض الخضار والأعشاب ولحاء الشجر.. أخيراً برغم ارتباط الأرنب الشديد بأكل الجزر إلا أنه أقل الكائنات بعداً للنظر.
لا أدري لماذا خطر ببالي الكتابة عن هذه الكائنات و«كبيت شرّي» عليها فجأة، ربما لأنني مللت من الكتابة في السياسة، ومللت من الكتابة عن قصر النظر، وعن سؤال الشجاعة، مللت من كل ما هو محيط وغير محفّز.. لا لست محبطاً لكنني أرى فصائل كثيرة من الكائنات ما هي إلا أمم مثلنا، وقد يكون أحدنا أو بعضنا اكتسب من هذه الصفات دونما أن يشعر ومع ذلك ما زال يعتبر نفسه السيد والمفكّر والجهبذ والعظيم والشجاع والقوي...
المقال القادم عن طريقة «كبس اللفت»..
ahmedalzoubi@hotmail.com
الرأي