عقدان وصورتان
مر عقدان من الزمن على جلوس جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين على عرش المملكة الأردنية الهاشيمة خلفا للراحل الكبير الملك الحسين بن طلال ، وهذا التقليد في بلد نظامه نيابي ملكي وراثي هو المكون الرئيسي لكيان الدولة الذي يقوم على سلطات ثلاث : السلطة التشريعية ، والسلطة التنفيذية ، والسلطة القضائية ، مدعمة بعناصر القوة الإستراتيجية ، ومنها تاريخ البلاد وجغرافيتها ، وطبيعة وثقافة شعبها ، وقدراتها الطبيعية والعسكرية والسياسية ، وغير ذلك من العوامل التي تضمن بقاء الدولة وتطورها المستمر .
صورتان متناقضتان في فهم الدولة وإدارة شؤونها وتقييم أدائها ، إحداهما علمية موضوعية والأخرى انطباعية مرتبكة لا تعتمد على قياس منطقي ، وإنما على الريبة والشك والتذمر ، وهي بذلك تختلف عن النقد البناء الذي يمكن أن تمارسه الأوساط السياسية والإعلامية والاقتصادية والثقافية وغيرها ، والذي غالبا ما ينصب على أداء السلطات الثلاث ، وعلى المواقف السياسية عندما لا يتم شرحها وتفسيرها للشعب الذي هو مصدر السلطات !.
العبرة دائما في النتائج ، والأجوبة الصحيحة على السؤال التالي تكفي لكي تشكل القناعة الكافية على أن شؤون الأردن قد أديرت بشكل جيد ، بدليل السؤال نفسه ، هل بقي الأردن متماسكا قويا صامدا أمام الانهيارات التي تعرضت لها دول من حوله ، وهل خسر أولئك الذين قالوا إن الأردن لن يصمد في وجه ما سمي بالربيع العربي رهاناتهم ، وهل تمكن الأردن من مواصلة مسيرته رغم كل الظروف المحيطة به على مدى عشرين عاما أم لا ؟.
قد يقول البعض نعم ولكن ، ويقول البعض الآخر إن المسألة لا تتعلق بمواصلة المسيرة وحسب ، وإنما بمدى النجاح الذي يتحقق ومستواه ، هنا يصبح النقاش منطقيا ، بين أولئك الذين يؤمنون بالدولة وثباتها ، ويكون هدفهم المشترك هو الإصلاح وتحقيق المصالح العليا للدولة ، ولكن ليس بين الذين تحكم مصالحهم الشخصية مواقفهم ، حتى لو غلفوها بدوافع وطنية ، هذا من دون أن نغفل الحملات المنظمة التي تقوم بها جهات خارجية لأسباب تتعلق بدور ومكانة الأردن الفاعلة في التوازنات الإقليمية !.
عقدان من زمن قيادة الملك عبدالله الثاني لهذا البلد ، ناضل فيه الأردنيون من أجل البقاء وتحقيق الأمن والأمان والتقدم والازدهار ، والصورتان تغلب الصورة الايجابية منها الصورة السلبية على أرض الواقع الذي نعيشه كل يوم .