النظام الانتخابي الحالي
تتناقل الأوساط السياسية والإعلامية هذه الأيام أخباراً متضاربة حول نية الحكومة إجراء تعديل على قانون الانتخاب الحالي، مما دفع بعض الأحزاب السياسية إلى تقديم مقترح نظام انتخابي جديد. إن الحكمة الدستورية تقضي الإبقاء على النظام الانتخابي الحالي لغايات إجراء الانتخابات النيابية القادمة، وذلك لعدة أسباب أهمها، أن الحكم على نجاح النظام الحالي من عدمه يقتضي تطبيقه على أكثر من انتخابات نيابية. كما أن قدرة العملية الانتخابية على إفراز مجلس نيابي فاعل يعتمد بالدرجة الأساسية على استيعاب كل من جمهور الناخبين والمرشحين للنظام الانتخابي المطبق، حتى ولو لم يكن هو النظام الأمثل.
فعلى الرغم من إجراء الانتخابات النيابية السابقة في عام 2016 بموجبه، إلا أن نسبة كبيرة من الأردنيين ما زالوا يجهلون مكنون النظام الانتخابي الحالي القائم على أساس اعتماد القوائم النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة. فالتساؤلات مستمرة حول كيفية التصويت يوم الاقتراع، وآلية احتساب الأصوات، وإعلان فوز القوائم والمرشحين بالمقاعد النيابية، ناهيك عن عدم الوعي الكافي بأن النظام الانتخابي الحالي لا يعتمد نسبة الحسم «العتبة»، مما يجعل الفرصة قائمة أمام جميع القوائم الانتخابية المترشحة للفوز بمقاعد في المجلس النيابي.
ومن الأسباب الأخرى التي تبرر الإبقاء على قانون الانتخاب الحالي دون تعديل، أن أي مقترح لنظام انتخابي جديد بحاجة لحوار وطني للاتفاق على طبيعته وأركانه، وهذا ما قد يتعذر تحقيقه بسبب قرب موعد الانتخابات النيابية القادمة. وعلى الفرض الساقط أنه قد جرى الاتفاق على نظام انتخابي جديد، فإنه سيكون من المتعذر إيضاحه للرأي العام خلال الفترة الزمنية القصيرة المتبقية على الاستحقاق الانتخابي القادم.
وعن مدى إمكانية إقرار مجلس الأمة الحالي لأي تعديل على قانون الانتخاب، نجد بأنه سيكون من الصعب ادخال نظام انتخابي جديد وبنفس الوقت إتاحة المجال أمام الجهات المعنية لشرح وتوضيح قواعده وأحكامه لجمهور الناخبين، وذلك في ظل المواعيد والاستحقاقات الدستورية القادمة. فمجلس النواب قد بدأ دورة استثنائية لم يُدرج ضمن بنودها تعديل قانون الانتخاب، كما أنه سيعقد دورته العادية الأخيرة مطلع تشرين أول القادم، بحيث ستكون أولوياته التشريعية إقرار كل من مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020، وذلك كاستحقاق دستوري قبل نهاية العام الحالي.
ومع بداية العام القادم، سيكون ما تبقى من عمر المجلس النيابي أشهراً معدودة سيتعذر خلالها إقرار نظام انتخابي جديد وضمان استيعابه وفهمه من جمهور الناخبين. لذا، فمن الحكمة الإبقاء على النظام الحالي الذي تم تجربته سابقاً -رغم الاختلاف حوله- خير من الاستبدال به نظاماً انتخابياً جديداً سيتفاجأ به كل من الناخب والمرشح، بشكل سيؤثر سلباً على مخرجات العملية الانتخابية المقبلة في عام 2020.
laith@lawyer.com
الرأي