أزمة وطن
في زمنٍ غادرت الطفولة براءتها، ومُسختْ في الرجولة هيبتها، وهاجرت عن النساء أنوثتها، وسُرقتْ من العُروبة هويتها، وفقدت الإنسانية مكانتها، وانعدمت في الصداقة قيمتها، وانتهكت في العِفة طهارتها، وتشوهت في الكلمات مصداقيتها، وانتهت في الأخلاق قيمتها، وطعنت الأوطان في سيادتها.
فتأكد بأنك بت تعيش في دنيا تعلقمت لذتها ! حينما أصبح من حولنا يتفاخر بالمحسوبيات، ويتباهى بالمعصيات، ويتمايل مع الراقصات، ويثمل بالحانات، ويُؤمن بالمُغالطات، ويُتقن لغة المؤامرات، ويصفق جهلاً في المؤتمرات، ويتصيّد الأخطاء والزلات، ويغرق حد الموت في الإشاعات، ويحارب النجاحات، ويُحلل المُحرمات، ويُحرم المُحللات.
فاعلم حينها، بأنك تعوم في بحر هائج مائج من الأزمات ! عندما تمزقت الحياة الأسرية، وكثُرت النرجسية، وتوحشت القلوب البشرية، وازدادت الاضطرابات العقلية، واغتصبت العُذرية، وسيطرت علينا العصبية، وانتشرت الهمجية، وازدادت الفضائح الفيسبوكيّة.. كانت الضريبة، بأننا فقدنا طاقتنا الإيجابية.
تقليدنا الأعمى لأشخاص لا يشبهون كياننا ، واستنساخ ثقافات لا تشبه أصولنا أو عاداتنا أو تقاليدنا، ومحاولة إظهار قدرتنا الخارقة على التأقلم في عالم ليس لنا؛ ما هي إلا محاولات تستنزف طاقتنا العقلية والجسدية، وتقتل ما تبقى من راحتنا النفسية ، إلى أن نجد بأننا في الواقع قد استهلكنا مخزون طاقتنا، وخسرنا ثقتنا بأنفسنا، ووصلنا إلى التهلكة.
فلا تمعن التقمص والذوبان في كيان غيرك، ولا تتصنّع لتصبح نسخة مطابقة عن سواك ؛ بالمختصر كُن " أنت" أو لا تكُن ابداً