آخر الأخبار
ticker جمعية البيئة: تشديد العقوبات بحق من يثبت تورطه بحرائق غابات الأردن ticker الذكرى الرابعة والسبعون لاستشهاد الملك المؤسس الأحد ticker مساعد العمليات يتفقد القوات المنتشرة على الواجهة الشمالية ticker اتفاق أردني سوري أمريكي على خطوات لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار ticker ترامب يُنهي الالتزام بإصلاحات "الصحة العالمية" ticker السبت .. انخفاض طفيف على الحرارة وطقس صيفي اعتيادي ticker إسرائيل وسوريا تتفقان على وقف إطلاق نار مدعوم من الأردن ودول مجاورة ticker ارتفاع أسعار الذهب محليا 40 قرشا ticker الرئاسة السورية تعلن وقفا شاملا وفوريا لإطلاق النار ticker المبعوث الامريكي لسوريا: ممتنون لدور الأردن القيادي في المنطقة ticker الصفدي يؤكد وقوف الأردن مع سوريا وأمنها واستقرارها وسيادتها ticker ارتفاع حصيلة القتلى في السويداء السورية إلى 940 ticker عشائر الجنوب السوري تعلن وقف إطلاق النار استجابة لقرار الرئاسة ticker مطالبات في عجلون لتسريع إنشاء مراكز صحية بديلة عن المستأجرة ticker القبض على 65 مروجا للمخدرات في اسبوع ticker نجاح لافت لـ "هندسة" عمّان الأهلية بالقبول الاوروبي لمشروعها حول تعزيز فرص توظيف الخريجين ticker بالصور .. عمان الأهلية تحصد ثلاث جوائز بمهرجان المسرح الدولي بالإسكندرية عن عملها المسرحي "يافا والباب الأزرق" ticker البنك الأهلي الأردني أول بنك في المملكة يطلق خدمة إصدار التقارير الائتمانية الرقمية للشركات ticker سيرك "بلوما" يحلّق في سماء عمّان ticker جت تطلق حجز الـ VIP لمسافري جسر الملك حسين عبر موقعها الالكتروني

جامعة البترا والأنباط

{title}
هوا الأردن - أ.د. محمود السلمان

يقول عالم الآثار الكبير البروفيسور زيدون المحيسن: إنّ الأنباط قدْ سحبوا المياه من "وادي الدثنة" في الشوبك، وأنا أقول له: إنّ جامعة البترا قدْ سحبت ما كان لدى الأنباط العرب من كتب ومعرفة وحضارة ورقيّ، ووضعتها هنا في جامعتنا في أطراف عمّان؛ لذلك، كان لجامعة البترا من اسمها كلّ نصيب؛ فهنا يجلس الآنَ الأنباط الجدد، ويعلمون طلابها ما قد علم الأنباط العالم أجمع من فنٍّ هندسي، وحساب، ولغات، وإدارة حياة، وأنواع الدواء.

لذلك، عندما تدخل جامعة البترا تشعر برقيّ المكان، وروعة ساكنيه من علماء وطلاب، وأنّك تدخل مدينة الأنباط الجديدة؛ فثمّة ورود في كلّ مكان تبتسم، وثمّة نوافير مياه تتدفق من جديد مثل التي كانت هناك في البتراء البعيدة، وثمّة علماء أجلاء يعملون دون كلل أوْ ملل، وثمّة صخور جميلة قدْ نحتها التاريخ البعيد وتركها هنا؛ لنأتي نحن ونبدأ من جديد، وثمّة عقل إداري راقي الطبع يدير الأمور وهو يتبسم، ويتركك براحتك تعمل لتصل إلى مبتغاك العلمي والبحثي لتنشر من جديد أنباطنا الجدد.

حتى شوارعها الفسيحة تخبرك: يا أيّها القادم الجديد؛ إنّني هنا لأقوم بدورين: دوري الأساسي لتسير بالطريق، ودورٌ آخرَ هو أنْ أشعرك بسهولة الطريق، وأمدّ يداي لك، وأرحب بك، وأقول لك: أنت في بيتك الجديد.

قبل أنْ آتي إلى المكان كنت أعتقد أنّ الاسم قد اختير صدفة-البترا، ولكنْ، بعد دخولي إليه، وبعد أنْ أصبحتُ جزءًا منه وجدت أنّني وأنا فيه أسير في "السيق" (the siq)، وينتهي بي المطاف إلى أنّني أسير في مدرجها العريق ومكتبتها الجميلة، وأنّ "الخزنة" ليست مجرد شعار، بلْ هي المكان الحقيقي الذي ندخل فيه، ثمَّ نسير على طول جداول الماء التي كانت قدْ جفت بعد أنْ قطعها الرومان، ثمّ بدأت تتدفق مِنْ جديد؛ فعاد علماؤها بيننا يشربون منها الماء، والأخلاق التي تحلّى بها الأنباط هنا في البترا الجديدة، ونمت الأشجار على طول الطريق، وعادت المختبرات حقيقة وليستْ مجرد أثار، ولكنْ بثوبها الجديد، وعاد المحاضر يحاضر، والقاعات تعجّ بأجمل العلماء والتلاميذ.

وإنْ كان العلماء يتحدثون عن الأنباط في الماضي البعيد، ويستخدمون المصطلح بمعناه "الذكوريّ" متناسين الدور الكبير المحتمل لكلّ نبطية عربية أصيلة في ذلك التاريخ، ففي البترا الجديدة يسير الاثنان "نبطي ونبطية" كعالم كبير وعالمة كبيرة على قدم وساق لا فرق بينهما.

مع أنّه للأمانة التاريخية، لمْ يفرّق أجدادنا الأنباط بين ذكر وأنثى، فقد كان بينهما الملك (الحارث الرابع) مثلا، وأيضًا، كان بينهما الملكة (شُقيلة) كما يقول الأستاذ والدليل السياحي المحترف محمد الفرجات.

قبل آلاف السنين جاء الأنباط العرب إلى هنا، والتقوا واندمجوا في أكثر الطرق الحضارية حضارةً ورقيًّا مع إخوانهم العرب (الأدوميون)، وتفتّق عَنْ ذلك أجمل حضارة عربية عرفها التاريخ، وما زلنا نتغنى بها بفخر، وهنا، في التاريخ الجديد، التقى في البترا الجديدة إدارة متحضرة راقية مع علماء كبار، وتفتق عن ذلك صرح جامعي جامع وناجح ومتألق تمامًا كما كان النجاح وسرعة التقدم هناك. 

في جامعة البترا ثمّة فوانيسُ علم مِنْ بقايا الزمن القديم العريق ما زالت تضيء المكان، وفي هذا المكان ثمّة فرحة ما، لا تعرف مصدرها، فكلّ الأماكن التي تحيط بك ترسلها.

إنّ أجمل شعور وأنت فيها، هو أنّك بمكان جديد، حديث البناء، متجدد جميل، ولكنّ هذا الشعور الجميل يزينه الشعور الحقيقي، وهو أنّك بمكان ذي امتداد لحضارة تحبها، أبت هذه الجامعة العريقة إلا أنْ تحمل اسمها، وتسير بهذا الاسم الجميل الموجود في وجدان كلّ عربي أصيل، وفي سماء عمّان الجميلة الحديثة غدت جامعة البترا آخر الجدائل العربية النبطية الحقيقية التي نراها كمَعْلَم حقيقيّ في سياق علمي حقيقي في متحف كبير اسمه "جامعة البترا".


تابعوا هوا الأردن على