آخر الأخبار
ticker إربد .. مطالب بتأهيل طريق في الحصن إثر معاناة تتجدد مع كل منخفض جوي ticker الكرك: البؤر الساخنة بالمنخفضات .. أضرار تتكرر وسط آمال بحلول جذرية ticker وزير الخارجية الأميركي: لا يمكن لحماس أن تبقى في موقع يهدد "إسرائيل" ticker رفع طاقة تخزين القمح والشعير إلى 2.3 مليون طن الشهر الحالي ticker معايير دولية حديثة تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي ticker بورصة عمان ترتفع خلال أسبوع بنسبة 1.87 % ticker "الطاقة" تطرح عطاء لمراجعة وتقييم موارد الفوسفات ticker مطار الملكة علياء يستقبل أكثر من ثلث زوار الأردن ticker بوتين يكشف عن شرطه لوقف الهجمات في أوكرانيا ticker الحكومة اللبنانية تعلن مشروع قانون لتوزيع الخسائر المالية إثر أزمة 2019 ticker مستشفى المقاصد يعالج 956 مريضا في يوم طبي مجاني بالأغوار الشمالية ticker الأردن يرحب بتعيين برهم صالح مفوّضاً للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ticker تأخير بدء امتحانات الطلبة في البترا والشوبك السبت ticker إنطلاق أولمبياد اللغة الإنجليزية العالمي للجامعات 2025 ticker الأمم المتحدة تحذر من تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية ticker هجوم بقنابل دخان وأسلحة بيضاء يخلّف قتلى ومصابين في تايوان ticker قبول استقالة 642 عضواً من الحزب المدني الديمقراطي ticker القبض على عصابة إقليمية لتهريب المخدرات ticker تعزيز الشراكة بين الأوقاف وجمعية مكاتب السياحة لتطوير ملف الحج والعمرة في الأردن ticker إنجاز طبي جديد في الأردن: زراعة كلية ناجحة رغم التحديات المناعية

جامعة البترا والأنباط

{title}
هوا الأردن - أ.د. محمود السلمان

يقول عالم الآثار الكبير البروفيسور زيدون المحيسن: إنّ الأنباط قدْ سحبوا المياه من "وادي الدثنة" في الشوبك، وأنا أقول له: إنّ جامعة البترا قدْ سحبت ما كان لدى الأنباط العرب من كتب ومعرفة وحضارة ورقيّ، ووضعتها هنا في جامعتنا في أطراف عمّان؛ لذلك، كان لجامعة البترا من اسمها كلّ نصيب؛ فهنا يجلس الآنَ الأنباط الجدد، ويعلمون طلابها ما قد علم الأنباط العالم أجمع من فنٍّ هندسي، وحساب، ولغات، وإدارة حياة، وأنواع الدواء.

لذلك، عندما تدخل جامعة البترا تشعر برقيّ المكان، وروعة ساكنيه من علماء وطلاب، وأنّك تدخل مدينة الأنباط الجديدة؛ فثمّة ورود في كلّ مكان تبتسم، وثمّة نوافير مياه تتدفق من جديد مثل التي كانت هناك في البتراء البعيدة، وثمّة علماء أجلاء يعملون دون كلل أوْ ملل، وثمّة صخور جميلة قدْ نحتها التاريخ البعيد وتركها هنا؛ لنأتي نحن ونبدأ من جديد، وثمّة عقل إداري راقي الطبع يدير الأمور وهو يتبسم، ويتركك براحتك تعمل لتصل إلى مبتغاك العلمي والبحثي لتنشر من جديد أنباطنا الجدد.

حتى شوارعها الفسيحة تخبرك: يا أيّها القادم الجديد؛ إنّني هنا لأقوم بدورين: دوري الأساسي لتسير بالطريق، ودورٌ آخرَ هو أنْ أشعرك بسهولة الطريق، وأمدّ يداي لك، وأرحب بك، وأقول لك: أنت في بيتك الجديد.

قبل أنْ آتي إلى المكان كنت أعتقد أنّ الاسم قد اختير صدفة-البترا، ولكنْ، بعد دخولي إليه، وبعد أنْ أصبحتُ جزءًا منه وجدت أنّني وأنا فيه أسير في "السيق" (the siq)، وينتهي بي المطاف إلى أنّني أسير في مدرجها العريق ومكتبتها الجميلة، وأنّ "الخزنة" ليست مجرد شعار، بلْ هي المكان الحقيقي الذي ندخل فيه، ثمَّ نسير على طول جداول الماء التي كانت قدْ جفت بعد أنْ قطعها الرومان، ثمّ بدأت تتدفق مِنْ جديد؛ فعاد علماؤها بيننا يشربون منها الماء، والأخلاق التي تحلّى بها الأنباط هنا في البترا الجديدة، ونمت الأشجار على طول الطريق، وعادت المختبرات حقيقة وليستْ مجرد أثار، ولكنْ بثوبها الجديد، وعاد المحاضر يحاضر، والقاعات تعجّ بأجمل العلماء والتلاميذ.

وإنْ كان العلماء يتحدثون عن الأنباط في الماضي البعيد، ويستخدمون المصطلح بمعناه "الذكوريّ" متناسين الدور الكبير المحتمل لكلّ نبطية عربية أصيلة في ذلك التاريخ، ففي البترا الجديدة يسير الاثنان "نبطي ونبطية" كعالم كبير وعالمة كبيرة على قدم وساق لا فرق بينهما.

مع أنّه للأمانة التاريخية، لمْ يفرّق أجدادنا الأنباط بين ذكر وأنثى، فقد كان بينهما الملك (الحارث الرابع) مثلا، وأيضًا، كان بينهما الملكة (شُقيلة) كما يقول الأستاذ والدليل السياحي المحترف محمد الفرجات.

قبل آلاف السنين جاء الأنباط العرب إلى هنا، والتقوا واندمجوا في أكثر الطرق الحضارية حضارةً ورقيًّا مع إخوانهم العرب (الأدوميون)، وتفتّق عَنْ ذلك أجمل حضارة عربية عرفها التاريخ، وما زلنا نتغنى بها بفخر، وهنا، في التاريخ الجديد، التقى في البترا الجديدة إدارة متحضرة راقية مع علماء كبار، وتفتق عن ذلك صرح جامعي جامع وناجح ومتألق تمامًا كما كان النجاح وسرعة التقدم هناك. 

في جامعة البترا ثمّة فوانيسُ علم مِنْ بقايا الزمن القديم العريق ما زالت تضيء المكان، وفي هذا المكان ثمّة فرحة ما، لا تعرف مصدرها، فكلّ الأماكن التي تحيط بك ترسلها.

إنّ أجمل شعور وأنت فيها، هو أنّك بمكان جديد، حديث البناء، متجدد جميل، ولكنّ هذا الشعور الجميل يزينه الشعور الحقيقي، وهو أنّك بمكان ذي امتداد لحضارة تحبها، أبت هذه الجامعة العريقة إلا أنْ تحمل اسمها، وتسير بهذا الاسم الجميل الموجود في وجدان كلّ عربي أصيل، وفي سماء عمّان الجميلة الحديثة غدت جامعة البترا آخر الجدائل العربية النبطية الحقيقية التي نراها كمَعْلَم حقيقيّ في سياق علمي حقيقي في متحف كبير اسمه "جامعة البترا".


تابعوا هوا الأردن على