شرف المهمة
لقد نلتُ شرف عضوية اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي أمر جلالة الملك بتشكيلها، للخروج بإطار تشريعي يؤسس لحياة حزبية فاعلة قادرة على إقناع الناخبين بطروحاتها، للوصول إلى برلمان قائم على الكتل والتيارات البرامجية، والتأسيس لمرحلة متقدمة في أسلوب ممارسة السلطة التنفيذية لمسؤولياتها استنادًا لقواعد الدستور الأردني العتيد وأحكامه، مسترشدة بالأوراق النقاشية السبعة التي طرحها جلالته لنقاش وطني منذ عام 2012.
تلك مهمة عظيمة، ومسؤولية كبيرة سيرتقي إليها الجميع في مرحلة دقيقة من تاريخ بلدنا وهو يمضي نحو مئوية جديدة، تحيط بسنواتها الأولى ظروف عالمية غير مسبوقة منذ جائحة الكورونا، وما نجم عنها من أزمات اقتصادية، ظهر بعضها، والمخفي منها أعظم، وتتفاعل معها أزمات إقليمية، تنعكس علينا بدرجات متفاوتة من السوء، ونحن بالطبع لم نخرج بعد من أزمتنا الاقتصادية الراهنة، ولم نتمكن من معالجة الاختلالات الأخرى الناجمة عنها!.
تحديث المنظومة السياسية من أجل تجديد البيئة السياسية في البلاد وتطويرها، من خلال مشاركة الأغلبية وبخاصة الشباب في الحياة الحزبية والبرلمانية، يمكن أن يعزز مفهوم المواطنة الصالحة، وتوسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ القرار، والوصول إلى البرلمان عن طريق قانون توافقي عصري للانتخاب يجسد عناصر الدولة المدنية ومعانيها، وسيادة القانون، والعدالة في الحقوق والواجبات، وضمان المصالح العليا للدولة، وإعلاءها فوق كل اعتبار.
الفرضية هذه تضع في سلم الأولويات إعادة هندسة مؤسسات الدولة العامة والخاصة، لكي تعمل بناء على مبادئ التفكير والتخطيط والإدارة الإستراتيجية، ومعايير الحوكمة التي تضمن التشاركية والشفافية والمساءلة، وإلى جانب ذلك فإن الاستفادة من التجارب العالمية المثلى أمر ضروري نختصر به المسافات والمراحل والإجراءات، فتحديث الحياة السياسية يمكن أن يضخّ الماء في القنوات الجافة بطرق حديثة، لتحيي أرضًا بعد موتها، فتنبت نباتًا طيبًا وفيرًا.
من أجل أن تنجح هذه اللجنة في تحقيق الأهداف التي أوكلها جلالة الملك إليها لا بد أن يقوم الأعضاء بمشورة واسعة النطاق، كلٌّ في المجال الذي يحيط به، سواء الأحزاب القائمة أو النقابات أو الجامعات، أو المنتديات الفكرية، والثقافية، والشبابية، والنسائية، وغيرها؛ ذلك أن هدف توسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ القرار يتطلب إشراك القواعد الشعبية والنخب في عمليات التفكير والإعداد للمرحلة المقبلة.
شرف المهمة ليس مقتصرًا على رئيس اللجنة وأعضائها، بل هو ممتد إلى كل مواطن أو شريحة اجتماعية يتوجب على الأعضاء الوصول إليهم حتى تنتهي أعمال اللجنة الملكية، وترفع توصياتها ومقترحاتها إلى جلالة الملك.