خطر بين الأردنيين..!! قد لا يدركه المسؤولون والمخطّطون العاملون من خلف مكاتبهم !!
أعرف أن لدينا في الأردن أجهزة أمنية يقظة وقويّة، تعرف الكثير مما لا نعرفه نحن عامة الشعب، وتُدرك ما لا ندركه، ومع ذلك ينتابني ككاتب ومتابع ومراقب، كما ينتاب الكثيرين شعورٌ بأن البلاد تحثّ الخطى إلى ما لا يحمد عقباه، وسبب هذا الشعور هو ما نشهده من أزمات ومشكلات متراكمة باتت تعصف بأرجاء الوطن دون أن نلمس حلولاً حقيقية لها، والأخطر أن نسمع مسؤولين كباراً يحوقلون"لا حول ولا قوّة إلاّ بالله" ويضربون كفّاً بكفّ، وهم ينظرون إلى المشهد، دون أن يكلّفوا أنفسهم مهمة البحث عن معالجات ناجعة لأزمات بدأت تقلق الأردنيين وترعبهم من المستقبل..!
الأردنيون يرقبون ما يجري من حولهم بألم وخوف، ممزوج بحمد الله على نعمة الأمن النسبي التي تتمتع بها البلاد، ويجب أن يكون ذلك مدعاة لرصّ الصف وتوحيده وتقويته، من أجل الحفاظ على الأمن وتعزيزه، ولكن ذلك لن يتحقق بمجرد الكلام والشعارات أو المشاعر والتمنّيات، وإنما عبر برامج تقوم بها الدولة لإشاعة العدالة بين المواطنين قولاً واحداً فصلاً وسلوكاً ومنهجاً على أرض الواقع، بما يعزز القناعة لدى كل مواطن بأن مكانته محفوظة ودوره مهم في عملية البناء والتنمية وصناعة المستقبل..
مناسبة هذا الحديث، وأنا بالمناسبة من المهووسين بشيء اسمه العدالة، هو ما نسمعه من كثير من الشباب المتعطلين عن العمل والمفعمين بمشاعر الإحباط، وفي هذا فإنني أدعو المسؤولين عن قطاعات التشغيل والتنمية والأمن تحديداً، إلى الخروج من مكاتبهم إلى الميدان والتحاور مع الشباب والاستماع إليهم بعيداً عن كاميرات التلفزيون والفضائيات، وأنا متأكّد بأن هؤلاء المسؤولين سوف يعودون إلى مكاتبهم بوجه آخر، وقد يُضطرّ بعض المُرْهَفين منهم إلى الانسحاب الهادىء من موقعه، على أن يستمر في دوره التقليدي مُغْمِض العينين عن حقائق تؤلم النفس، وتؤذي الوطن..!!
ماذا يقول الشباب..؟! سؤآل نوجّهه لكل المسؤولين الكبار في الوطن، وأنا لا أقصد هنا ماذا يقولون في كل شيء، وإنما تحديداً التعرف على رؤيتهم للواقع وللأحداث المتسارعة والمفاجئة من حولنا، ما هو رأيهم في "داعش".. هذا الكائن المتحرّك بثقة وقوة ومرونة وليونة في الدول والمدن والحارات والأسواق، وهل ثمّة بين ظهرانينا منْ يؤيد ويدعم ويناصر، ويفرش الورود في طريق هذا الكائن ..!!
دعوني أٌفصح بصراحة بأن غياب العدالة، وامتداد جذور الفساد في مجتمعنا، وتفشّي البطالة بين الشباب وشعورهم المطلق باليأس والإحباط، وعدم وجود منهج وخارطة إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي واضحة المعالم والخطوات في البلاد، وتقلّد بعض الفاسدين مواقع مسؤولية متقدّمة في الدولة، هي أسباب مباشرة لدعوة الشباب ليس فقط للتعاطف مع "داعش" أو الترحيب بها، وإنما لتبنّي نهجها وأدواتها والانخراط في مشروعها..!!!
ثمّة خطر بين الأردنيين.. قد لا يدركه المسؤولون والمخطّطون العاملون من خلف مكاتبهم، ولكنْ منْ يتحاور مع الناس ويلتقي شباب الوطن، خارج حدود النخب والمبادرات المخملية، وأرجو أن تُفهم هذه العبارة على وجهها الصحيح، لا بد له أن يُحسّ بعمق الخطر، وبالخوف على المستقبل ومنه..!! أرجو أن تفهموا ذلك وتدركوه جيداً أنتم يا عِلية القوم..!!!
اللهم إني قد بلّغت، اللهم فاشهد، ولا مأرب لي إلاّ الإصلاح، والحرص على منعة الوطن، وإشاعة العدالة في أرجائه وبين أبنائه.