رؤية هيكل للمستقبل
في الحلقة الأولى من المقابلة المطولة مع محمد حسنين هيكل التي بثتها CBC مساء الجمعة، لم يقدم الأستاذ وجبة دسمة كعادته، مع أن لميس الحديدي التي حاورته كانت تفتح موضوعات متعددة، وتحفزه على التعمق في سبر اغوار القضايا التي تناولها. مع ذلك فقد طرح (الحكيم) أفكاراً تستحق الدراسة والتأمل.
الفكرة الأولى التي أكد هيكل عليها مراراً هي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتمتع بالكاريزما، وهذا واضح، وأن لديه رأس مال ورصيداً كبيراً من الشعبية يجب أن يحافظ عليه ولا يصرف منه. لكن ما نعرفه أن أهمية الرصـيد الذي يملكه المسؤول الكبير تكمن في استعماله لتمرير القرارات الصعبة، فهل ينصح هيكل الرئيس المصري بأن يتحفظ ولا يضحي ولو بجزء من شعبيته، مما يعني ضمناً أن لا يصدم الناس بالحقائق المرة ولا يطالبهم بالتضحيات التي لا بد منها.
ركز هيكل أساساً على أهمية الرؤية التي يمكن أن تصوغها الدولة فتحدد الاتجاه العام لجميع السياسات والإجـراءات الاقتصادية والاجتماعية، فالرئيس الذي يملك رؤية ومشروعاً يستطيع أن يتعايش مع البرلمان لأن لديه ما يقنع البرلمان، وبعكس ذلك يصبح البرلمان عقبة في وجه الرئيس.
هيكل اخذ موقفاً مشككاً تجاه المشاريع الكبرى التي طرحها السيسي في برنامجه، فهو لا يعترض على شق قناة السويس الثانية، ولكنه ليس معجباً بمشروع توشكا أو إعادة تقسيم رقعة مصر بين المحافظات بحيث يصبح لعدد كبير من المحافظات واجهة على البحر الأحمر، الأمر الذي يعني تجزئة هذه المنطقة الجاذبة بدلاً من تنميتها كمشروع سياحي متكامل.
لام هيكل حماس بمرارة، وحملها مسؤولية تطويل مدة الحرب وزيادة الدمار في غزة، واستنكر بيان حماس في رفض المبادرة المصرية الأولى والقول إنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وكان على حماس أن تدرك أنها بحكم الجغرافيا والتاريخ لا تستغني عن مصر.
أخذ هيكل بنظرية المؤامرة عندما وصف داعش بأنها قد تكون وحشاً خلقته أميركا وبعض الدول الغنية فانقلب عليها، وشكك في قدرة مصر على المشاركة في الحرب على داعش لبعدها جغرافياً عن سوريا والعراق.
في تسعينات العمر تبقى حيوية هيكل وذاكرته ونشاطه الذهني ظاهرة تثير الإعجاب.