أوراق الملك .. وخارطة الطريق
على غير عادة الملوك والرؤساء في الاتصال مع الشعب والتواصل معه بالكلمة المكتوبة فقد خاطب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين شعبه خلال مدة قصيرة بخمس رسائل ملكية مهمة برزت أهميتها الكبيرة من خلال المرحلة التي يعيشها شعبنا الاردني ضمن رؤية ملكية واضحة نحو الاصلاح والتطوير، فصانع القرار الاول في الدولة الاردنية يقدم وصفة اصلاحية لتجذير الديمقراطية وضمان استمراريتها تعتمد على برامج مدروسة واحزاب حاضرة في المشهد السياسي.
وعندما نطلع على ما يدور في ذهن جلالة الملك من آراء وأفكار ورؤى ثاقبة ندرك ان الملك يريدنا ان نكون جزءاً من صنع القرار، فكل شيء قابل للنقاش والحوار ولعلنا ندرك هنا المعنى الحقيقي للديمقراطية، فلنا الحق ان نختلف او نتفق الى ان نصل الى اجماع وطني وشعبي حول المسائل والقضايا المهمة التي تمس حياة مواطننا الاردني العزيز.
وعندما نقرأ بتمعن الاوراق النقاشية الخمس، نجد ان جلالة الملك من خلال الورقة الاولى ركز على المسؤولية الوطنية، وان على الجميع ان يتحمل المسؤولية، لان الوطن بحاجة الى جهود الجميع ليبقى شامخاً ابياً كما كان، وقدم جلالته أراءً وافكاراً اصلاحية للوصول الى اردن ديمقراطي قوي ومتين.
أما الورقة النقاشية الثانية فقد أكد جلالته من خلالها على اهمية التشارك بين ابناء الشعب الاردني في صياغة المستقبل ونبذ التفرد بالرأي للوصول الى برلمان اقوى يحصن الوطن ويضم في طياته كل اطياف المجتمع.
اما الورقة الثالثة: فقد أضاءت مساحات وافية للاطلاع على التطور السياسي في الاردن ومناقشته خاصة بعد الانتخابات النيابية التي جرت نهاية كانون الثاني من العام قبل الماضي، وقد ركز جلالته على البناء الاصلاحي للمجتمع الذي يرتكز على انشاء احزاب سياسية واقعية وبرامجية، وتعديل التشريعات اللازمة لتمكين عمل الاحزاب سياسياً، وارتقاء اداء مجلس النواب والكتل النيابية في العمل التشريعي والرقابي.
اما الورقة الرابعة: فقد تحدثت عن مفهوم التمكين الديمقراطي والمواطنة الفاعلة وتعزيز دور المجتمع المدني وتفعيله في مراقبة الاداء السياسي وتطويره نحو الافضل عبر ترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع.
اما الورقة الخامسة: فقد حدد فيها جلالة الملك أسس ودعائم الدولة الاردنية المستقرة والآمنة متضمناً الحديث عن الأمن والديمقراطية والرفاه والتي تعد تجسيداً لرؤية الملك نحو الوصول الى اردن مزدهر قابل للحياة والاستمرار.
وتحدث جلالته ايضا عن ترسيخ الاعراف السياسية وعن الحكومات البرلمانية ودورها في رسم صورة جديدة للحياة السياسية في الاردن.
لقد أثبت جلالة الملك من خلال تقديمه لهذه الاوراق النقاشية انه متقدم على جميع النخب والاطياف السياسية والفكرية في الاردن في رؤيته لمسيرة بناء الاردن السياسي وفي طرحه لهذه الافكار بتلك الحقائق وهذا الذكاء وذلك العمق الذي لا مثيل له.
إن مشاركة جلالة الملك ابناء شعبه الافكار والرؤى التي تجول في خاطره هي فرصة حقيقية لتلاقي الافكار والحوار والنقاش حول مرتكزات المرحلة القادمة. ولعلها دعوة من الملك شخصيا لنا ابناء الاردن ان نلتف حول القيادة الهاشمية لصياغة برنامج سياسي جديد للاردن يرتكز على الحوار الديمقراطي الذي يهدف الى بناء اردن حديث ومتطور.
شكراً جلالة الملك على هذه الافكار المضيئة.. وستكون لنا الضوء الذي نهتدي به لاستكمال مسيرة بناء وطننا العزيز.. وستكون بمثابة خارطة طريق لكل احزابنا واطيافنا لبناء مستقبل مشرق واعد إن شاء الله.