ليل وشتي
ليل الشتاء مستودع طويل..من الصعب ان تملأه بضاعة الوقت..
الخامسة مساء : الغيم القادم أفواج من الغرب يلون العتمة بالعتمة ، البيوت تشعل أضويتها الخارجية ، الدكاكين الصغيرة تطفيء اضويتها الداخلية ، رائحة الكاز تنبعث من البلكونات المنخفضة ، عجوز تضع حاجزاً وحجرا على «خم» الدجاج، متقاعد يتفقّد «مسيل» الماء المار من جدار عديل شقيقه من باب تمضية الوقت ، صبي يحسد حبّات الفلافل على السباحة في بحر الزيت الدافئ، وسيارات ليس لديها أي خيار ألا أن تقع في «بيطوس» الماء الأزلي وترشّ المارة..
السادسة مساء : «نيونات»المسجد الخضراء التي تزيّن محيط المئذنة ،تلمع مع أذان العشاء ،»ختيارية» يتدرجّون بهمم متفاوتة نحو المسجد يسبقهم إلى الدخول من الباب الغربي شباب ملتزمون وطلبة توجيهي قدموا إلى الجامع طائعين تقرّباً إلى الله وهرباً من الفيزياء ، رجل يضع بعض صناديق الخيار على باب «البكب» أمام الجامع ..الخيارة المطلّة من «البكسة» أقصر من «عصا الكريك» بقليل ومع ذلك يصر على ندائه بصوت منخفض «أصابع البوبو» يا خيار، مطاعم مكتظّة وأخرى فارغة يشغل أصحابها وقتهم بـ»فرم السلطة»...
السابعة مساء : بعض المطر الناعم يقابله اهتزاز يافع لغرسة الليمون الجديدة، حرام بني كان لأمي أضعه على جنبي الأيسر ، التلفزيون مضبوط على وضعية «الصامت» فانا أؤمن أن اصدق الأخبار تلك التي لا تسمع... صحن فول بالكمون والسماق يتنفس بالقرب مني ، بين يدي كتاب البدوي الحمر للماغوط ، وفي ذهني بعض الحسابات العالقة لمن دفعت ولمن سأدفع في الغد...وليل الشتاء مثل خشب «الكينا» ثقيل وطويل ..
الساعة الثامنة: أضوية البيوت تخفت تباعاً، المطاعم «تشطّب» ، رائحة انطفاء الفوجيكا يفوح من موزّعات البيوت...لم يبق أحد من سجلّ الساهرين غيري...
الساعة: التاسعة: اضع كرسيا...انزل ساعة الحائط...الف العقرب نحو الساعة 12..اعيد الساعة الى مكانها...واذهب للنوم...لأختصر بعض الوقت من روزنامة العمر...
آخ...يا ليل الشتا ما اطولك!..