أين سترد إيران؟
الحرب العربية الايرانية تتجلى في ذروتها في اليمن، واذا كان العرب للغرابة يتحالفون مع ايران ضد داعش في سورية والعراق، فإنهم يحاربونها في اليمن.
العرب وايران حلفاء في الشمال، اعداء في الجنوب، وهذه مفارقة بحد ذاتها، لكنها ايضا مفارقة لاتلغي ان التحالف بين ايران والعرب في شمال العالم العربي، اي سورية والعراق، جاء مؤقتا فقط بسبب داعش، لكن خلف هذا التحالف المؤقت، ذات العداوة التي رأيناها انفجرت في اليمن.
الحرب في الجنوب، ليست الا تعبيرا عن صراع عالمي واقليمي وعربي، لاتغيب اسرائيل عنه ايضا، لان العقدة في باب المندب، خطرها الملاحة، في موانئ جدة والعقبة والسويس وايلات، وغيرها، وهي عقدة خطيرة لانها تهدد مع عقدة مضيق هرمز كل الملاحة وتصدير النفط، والمضيقين، اخطر من السلاح النووي الايراني، هذا فوق ان انشاء امارة حوثية في اليمن يعني تهديد الخليج العربي، كله سياسيا واقتصاديا وامنيا، وهذا ماترجمته الشراكة الخليجية الكاملة في عمليات قصف الحوثيين.
غير ان المتتبع لاساليب ايران يعرف ان هؤلاء سوف يردون، والاغلب ان ردهم سيأتي عبر وسيلتين، الاولى وهي متوقعة وتتضمن مواصلة الحرب في اليمن، وعدم الاستسلام ببساطة، والثانية تتلخص بمفاجأة لااحد يعرف تفاصيلها، وعلى الاغلب سترد ايران عبر موقع آخر، وليس من خلال اليمن، فاليمن ذاتها كانت مسرب نجاة في مرحلة ما لتخفيف الضغط على الايرانيين، واجبار العالم على مفاوضتهم، وتقسام النفوذ معهم، وهذا يعني ان طهران بحاجة اليوم، الى فتح معركة في منطقة جديدة، او نقطة تعد آمنة لكنها حساسة على امن الاقليم والعالم، وبغير هذه الخطوة تطون ايران تجرعت السم بأكمله في اليمن.
اين هي الخواصر الرخوة والهشة التي يمكن تهديد امنها، او بعثرة اوراقها، في سياق الرد على القرار العالمي بمحاربة ايران في اليمن، هذا هو السؤال الذي لابد ان نطرحه هنا، لنل الى خلاصة تقول ان ايران ستفتح جبهة في بلد عربي جديد، لم يكن مدرجا على كشوف تصدير الفوضى والثورات، والضربة في اليمن، ستأتي بعدها ضربة ارتدادية في موقع يجعل واشنطن وتل ابيب والعالم يرتجفون خوفا من الارتداد، وينزعون ربما طوعا من جديد الى مفاوضة ايران، او الوصول الى تسوية معها؟.
اذا لم تنجح ايران في الدخول الى خاصرة هشة ورخوة جديدة، ونقل الفوضى اليها، ثأرا من ملف اليمن، او تخفيفا من تداعياته، تكون قد تعرضت الى هزيمة كبرى، وهذا يعني ان الفترة المقبلة حساسة ومهمة وفاصلة، وسنكتشف عبرها قدرة المعسكر الايراني وتوابعه على التمدد الى نقاط جديدة، ومايخشاه كثيرون ان تنجح ايران في هذه الحالة، بحيث يتراجع العالم عن حربه في اليمن ضد ايران، مقابل تسوية تقول خذوا اليمن، ولاتنقلوا عدوى الفوضى الى مكان جديد اكثر حساسية من اليمن.
علينا ان ننتظر وقتا ليس بالطويل كثيرا، وسوف تتضح كل الصورة، اما اطفاء لنيران المنطقة، عبر تسوية وتقاسم للنفوذ، واما حرب تلد اخرى في مكان غير متوقع.