المجالي.. اطلالة على الجوار
في الاردن اكثر من 5000 عشيرة لكل منها اصل وفصل وتاريخ وسمعة وقصص واساطير ورموز ومكانة يمنحها لها الناس.
اكتسبت عشيرة المجالي سمعة واحتراما بين عشائر الكرك ما لبث أن انتقل الى بقية ارجاء البلاد...وقد تاسست هذه السمعة من عوامل كثيرة ليس اقلها ملاحظة الناس لشمائل رجالات العشيرة قبل اكثر من قرنين من الزمان.
فقد تناقلت الالسن رواية مفادها ان احد اجداد العشيرة الذي حل على الكرك واستوطن مع شقيقه سهولها الشمالية الخصبة المحيطة بالربة والقصر وشيحان كان خلاقا في مساعدة العشائر الكركية على التغلب على اثار القحط التي توالت عليهم بان اقترح عليهم التوجه الى اسواق فلسطين لشراء الحبوب بعد ان تردد بعض من لديهم مخزونا من تلبية حاجة الناس.
النخوة التي تجلت في موقف الرجل هي التي دفعت بالكركيين لتعميد الرجل شيخا ومنحه الثقة اللازمة لذلك...منذ ذلك التاريخ والابناء والاحفاد يراكمون على افعال اجدادهم ويكرسون اخلاقهم وشمائلهم في محافظات الجنوب وارجاء البلاد والمؤسسات التي عمل فيها ابناء العشيرة التي كانت ولا تزال تشع نبلا وخلقا وسماحة.
عبر تاريخهم الطويل قدم المجالي لبلادهم دروسا ونماذج في العزة والنبل والسماحة والفداء....الاردنيون يتذكرون باعتزاز سيرة الشيخ يوسف وتوفيق باشا وقدر وعطيوي ونايف ودليوان ورفيفان وهزاع وحابس وعبدالوهاب و عبدالسلام وغيرهم العشرات .
لقد كان خالد هجهوج مضربا للمثل في الشجاعة والاقدام فقد عاش عزيزا بافعالة ومات كريما غنيا بعفته وكبريائه .....عبد الهادي المجالي قدم مفهوم الامن الشامل قبل ان ياتي حسين المجالي وينحت واعوانه مفهوما جديدا سمي ' بالامن الناعم '.....الحديث عن كل الرجال والنساء الذين خدموا بلادهم ومجتمعهم واجب علينا خصوصا اولئك الذين اعطوا دون ان يمنوا على احد.
اليوم كنت بصحبة ثلة من ابناء عائلة المجالي بدعوة من المنتج محمد مصطفى المجالي وتابعت الحوار الذي دار بين الشباب والكبار من ابناء العائلة.
والروح الرفاقية التي ميزت الحديث الدائر بين الشباب الذين على حواف الاربعينيات مع بعض الرجال الذين وقفوا على عتبات العقد التاسع ...
حوار اليوم فيه من الحب والتفهم والسماحة الكثير....على امتداد القرى الواقعة شمال عاصمة مؤاب وفي البلدات التي بقيت فضاءات مفعمة بالطيب والحب والتقبل قدم المجاليية امثلة يذكرها الاردنيون وكانت ولا تزال موضعا للتقدير ومثلا يحتذى....دليوان باشا المجالي الذي رفض ان يدفن ابنه قبل ان يخلى سبيل من تسبب في وفاته لايمانه بان ذلك خطأ يستوجب العفو...هذا التراث شكل دافع لشخصية اخرى تعرضت لحادث دهس دفعت بالضحية الى ان يوصي بعدم ملاحقة السائق اقتداء باخلاق الكبار من ابناء العائلة النبيلة.
لكل عائلة اردنية طبائع وخصال ولها من الشمائل والاسهامات ما يستحق الرصد والاستذكار..وفي ذلك ما يسهم في معرفة من نحن ولماذا نتصرف بالطرق التي نتصرف بها. تحية لرجال ونساء وشباب العائلة التي اثرت الحياة الاردنية باسهاماتها وخلقها وترفعها عن الصغائر.....
لو انني لازلت استاذا في الجامعة لطلبت من بعض طلبتي ان يعدوا ابحاثا عن الخصوصية الثقافية لبعض العائلات الاردنية والعوامل التي اسهمت في تشكيلها... في مجتمعنا غنى اكثر مما نملك في حساباتنا البنكية او في سوق الاسهم والعقار...الخصائص التي يملكها الناس في بلداتنا مورد لم يلقى الكثير من الاهتمام وقد يكون اخر ما تبقى لنا بعد ان تمت استباحة مواردنا الاخرى تحت مسميات متعددة.