هل تعمل الدولة على اجتثاث «الإخوان» ؟!
يعتقد بعض الاشقاء العرب ان الاْردن صنع نموذجا خاصا في ادارة ملف الاخوان المسلمين وبخاصة بعد تجربة الربيع العربي وماكشفته هذه التجربة من مضمون للجماعة يختلف عن الوجه الناعم والسلمي الذي كان قبل دخول الجماعة في تحالفات مع دول وممارستها الاستقواء على دولهم الوطنية.
ففي مصر مثلا ينطلق خصوم الجماعة من قناعات سياسيه خلفتها تجارب قديمه وحديثه ،وايضا قناعات فكرية أهمها ضرورة منع اقامة اي دولة دينية، لكن الدولة المصرية مستمرة في الاعتماد على النهج الذي تعاملت به مع الجماعة منذ عهد الملك فاروق واشتد في عهد جمال عبد الناصر واستمر حتى يومنا هذا ، والعمود الفقري لهذا النهج العمل على اجتثاث الجماعة وتوجيه ضربات قاصمة لها من خلال حظر الجماعة والاعتقالات والمحاكمات والمطاردة ، وهذا الامر مارسته ايضا الدولة السورية وتحديدا في عهد حافظ الاسد الذي دخل مواجهه عسكرية انتهت بتهجير الاخوان ومن حولهم حتى اليوم.
لكن النهج الأردني في ادارة ملف الاخوان كان وفق معادلة كان جانبها الهام إخوانيا ان خط الجماعة كان واضحا.وكان الحبل السري بين الاخوان والدولة نشيطا ، وكانت قيادة الجماعة تفكر باعتبارها حالة اردنية تقدر للدولة نهجها ولا تعتبره ضعفا.
لكن الجماعة ومنذ عشرين عاما تقريبا تعيش تحولات داخلية تعاملت معها الدولة دون انفعال لكن بترقب ، وكانت مساحه العقلاء وغير المغامرين معقولة ، الى ان كان ماسمي بالربيع العربي الذي كشف عورات عقلانية الجماعة وجعلها تتحرك بنهج لم تكن تتحدث عنه سابقا ، وأصبح طبيعيا ان يكون فعل الدولة بذات الاتجاه لان السعيد من اتعظ بغيره ،وساهم الحراك الداخلي في بعثرة صورة الجماعة وكان ظهور زمزم ثم ظهور الجماعة المرخصة وهذا الامر محصلة أمراض الجماعة المتراكمة ، ومن الطبيعي ان يكون كل خصوم الجماعة فرحين بضعفها وحروبها الداخلية ، وحتى ماتقوله القياده السابقة للجماعة من ان الجماعة الجديدة تحظى برضى الدولة فهو دليل ادانة للجماعة التي ان كانت صفوفها الاولى مخترقة وتعمل لمصلحةالدولة فهذا يعني انها جماعة لاتستحق تلك الصورة العظيمة.
وإذا كان نهج مصر وغيرها العمل على اجتثاث الجماعة بالسجن والمحاكمات والمطاردة واخراجها من الساحة السياسية ،فان النهج الأردني مازال مستمرا في رفض فكرة الاجتثاث السياسي وغيره ،والهدف ان يكون نهج الجماعة وطنيا اردنيا دون تبعية للخارج ، ودون استقواء على الدولة بتحالف خارجي ، وان تعود الجماعة لمسارها الاصلاحي الحقيقي وليس الإصلاح المؤقت الذي يتحول الى النقيض كما راينا في فتره الحراك.
ان خروج الجماعة المرخصة بغض النظر عن رأي الجماعة الاخرى فيها هو تعبير عن حرص الدولة على الابتعاد عن نهج الاجتثاث السياسي او غيره ، لكن بشرط ان يكون النهج سليما اردنيا إصلاحيا ووفق القانون ، ولو كانت الجماعة القديمة تتقن مراجعة مايجري لوقفت طويلا مع نفسها ولفهمت الرسالة ، فالدولة الأردنية تريد من كل قواها الحضور والمشاركةلكن دون ان يكون اي حزب او تنظيم يعمل بنهج خاطىء ،فعندها من الطبيعي ان تطبق الدولة القانون بحزم وان تدافع عن نفسها في وجه اي تيار مغامر او يغني بغير اللهجة السياسيه الأردنيه.
ماهو مؤكد ان الدولة الأردنية ليست دولة قمع وسجون ومحاكمات واجتثاث لكنها في نفس الوقت دولة حازمة في دفاعها عن أمنها واستقرارها السياسي.