نجاح الإخوان المسلمين
رغم الجهد الكبير، والاستعداد المسبق، من قبل الاحزاب القومية واليسارية الاردنية، ومحاولاتهم الاستفادة من فشل حركة الاخوان المسلمين في ادارة قطاع غزة منفردة، بعد الانقلاب الذي نفذته حركة حماس في حزيران 2007 ولا تزال، ورغم الفشل في استثمار نجاحها في الانتخابات المصرية على أثر ثورة يناير 2011، وتولي الرئيس محمد مرسي سدة الحكم في قصر الاتحادية وسقوطهم بفعل ثورة حزيران 2013، ورغم فشل مشاركتهم في قيادة المعارضة المسلحة بهدف اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد بعد أربعة أعوام من الاستنزاف المتبادل والتدمير السوري، ورغم فشلهم في احباط مشروع هيمنة ولاية الفقيه وحزب أنصار الله والحوثيين على مقدرات اليمن، ورغم الانقسام الذي يجتاح حركتهم في الاردن، فقد حقق الاخوان المسلمون نجاحاً قوياً في نقابة المهندسين الاردنيين يوم 8 / أيار يفوق ما سبق وأن حققوه في دورات انتخابية سابقة، منذ أن تولوا ادارة النقابة عبر صناديق الاقتراع في بداية التسعينيات، ولا زالوا .
نقابة المهندسين ليست فقط أقوى نقابة وأكثرها عضوية بل هي اكثر ثراء واكثر فائدة لهم فهي البقرة الحلوب التي توفر لهم احتياجاتهم المالية لتغطية نفقات بعض نشاطاتهم الحزبية والنقابية والجماهيرية داخل الاردن وخارجه، وخاصة في فلسطين وبقطاع غزة بشكل أدق وأوضح، ولذلك لم يكن سهلاً العمل على هزيمتهم في هذه النقابة بالذات، فهي ومن خلالها يشاركون في مجالس ادارات مؤسسات استثمارية وغيرها، فهي عنوان حضورهم بعد فقدانهم لجمعية المركز الاسلامي ومستشفاه.
نجاح الاخوان المسلمين في نقابة المهندسين يعود لسببين جوهريين أولهما، قوتهم التنظيمية ونفوذهم وانتشارهم وتوظيف قدرات النقابة وامكاناتها المالية لمصلحة قاعدتهم الانتخابية بما فيها دفع التزامات عن الشباب الجدد، والطرد الخيري، وشنط المدارس وحفلات الاطعام، والعديد من العناوين الخيرية المكرسة لمصلحة الاخوان المسلمين ومؤسساتها وكسب الاصدقاء الجدد وتجنيدهم لصفوفها، كي تبقى نقابة المهندسين قاعدة عمل حزبي ومجالاً حيوياً رافداً لدورها ومكانتها، ولهذا لم يكن سهلاً تحقيق كسر احتكارهم لنقابة المهندسين وخسارتهم لها، ورفضهم المبدئي والاجرائي لتغيير قانون الانتخاب، رغم قرار الهيئة العامة منذ دورتي انتخاب .
وثانيهما، أن الاحزاب اليسارية والقومية قد بذلت جهوداً مضنية، والمهندس خالد رمضان تطوع وعمل وجازف، ولكنه أخفق، لأن وحدة وتماسك وتحالف القوى اليسارية والقومية ضعيفة ومهزوزة، وانعكس ذلك على نتائج الحشد وجلب المهندسين وخاصة من قطاع المستقلين، فالذين وصلوا الى صناديق الاقتراع لم يصلوا الى خُمس المسددين لاشتراكاتهم، أقل من عشرين بالمائة ممن شاركوا في التصويت من 62 ألفاً الى أقل من 12 ألفاً ونسبة تصويت 19,3 بالمئة وغاب عن الوصول الى صناديق الاقتراع أكثر من 48 ألف مهندس ومهندسة؛ ما يدلل على أهمية اقرار ما سبق وأن قررته الهيئة العامة للنقابة باعتماد قانون التمثيل النسبي كي تتسع مواقع النقابة لكل الاتجاهات السياسية، لا أن تبقى حكراً على تنظيم لم يحصل الا على أصوات عشرة بالمائة من عدد الذين يحق لهم التصويت، مما يعكس مدى يأس المهندسين من الاستجابة لدعوات مجلس النقابة ودفعهم نحو الوصول الى صناديق الاقتراع، مع أن مصالحهم المهنية والصحية والنقابية وحتى السياسية مرتبطة بنتائج وأداء مجلس النقابة المنتخب .
لا شك أن الاخوان المسلمين استبسلوا وحشدوا حتى يواصلوا حفاظهم على ادارة مجلس النقابة لصالحهم، ولا شك أن القوى القومية واليسارية لم يكونوا مخلصين بالقدر الكافي حتى يحققوا نتيجة توسلوا للحصول عليها منذ 15 سنة، ولكنهم لم يستفيدوا من المعطيات السياسية التي دللت على فشل حركة الاخوان المسلمين في أكثر من مكان وفي أكثر من بلد عربي، مع ذلك لا زالوا أقوياء في الاردن، وأقوى في نقابة المهندسين، وأن نتائج الحرب الباردة السلبية على مكانة ودور القوى اليسارية والقومية ما زال مؤثراً، ويُضاف الى ذلك عدم اخلاصهم لبعضهم البعض وأن عدم الاخلاص والانتهازية ما زال هو العنوان الابرز لفشلهم.