تاجر حمص
من المسلم به والذي يصدقه العقل أن المسؤول في عمله يضع نصب عينيه أهدافا يأمل تحقيقها بل يعمل جاهداليصل إليها ،بجد وإجتهاد مختصرا أبسط الطرق وأسهلها للوصول لمبتعاه المنشود ،بجهود العاملين لديه كل حسب عمله الموكل به من أدنى موظف لأعلى مسؤول في السلم الوظيفي ، لتصل كل العناصر للغاية المنشودة ، ولتحقيق ما تصبو اليه الدائره ،المؤوسسه ،الوزاره.
فحينما يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب تتحقق فرص النجاح والسبل المنشودة ، وتقل الأخطاء ، وتصبح الإنتاجية في العمل على خير ما يرام وتتحقق الثقة بما تم طرحه من خطط وأهداف وغايات.
ولكن حين يتقلد أحد المسؤولين منصبا ليس له في ناقة ولا جمل ، وليس له المعرفة والأطلاع والدراية بمهامه ، فهنا مكمن الخلل ، بل الطامة الكبرى ، فحينها يبدأ الترهل والفساد ، وتعطيل المصالح ، لأن رأس الهرم في المنصب غير كفؤ لما هو فيه .
فحبذا تقيم المسؤول من الجهات العلياء بل وتقيم من ولي الآمر من قبل الحاكم لتبقى الأمور تسير بالشكل المطلوب ، ولتحقيق الغايات المنشوده.
وسأنقل لكم هذه الطرائف حين يغيب الضمير، وحين لا يبالي القائم بعمله بالشكل الواجب القيام به، فإليكم ما أقول:
قيل أن تاجرا عبر إلى حمص فسمع مؤذنا يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن أهل حمص يشهدون أن محمدا رسول الله ،فقال والله لأمضين إلى الإمام وأسأله فجاء إليه فرآه قد أقام الصلاة وهو يصلي على رجل ورجله الأخرى ملوثة بالعذرة ((الغائط )) أكرمكم الله.فمضى إلى المحتسب ليخبره بهذا الخبر فسأل عنه فقيل إنه في الجامع يبيع الخمر فمضى إليه فوجده جالسا وفي حجره مصحف وبين يديه باطية مملؤة خمرا وهو يحلف للناس بحق المصحف أن الخمرة صرف ليس فيها ماء ،غير مغشوشة ،وقد ازدحمت الناس عليه وهو يبيع فقال والله لأمضين إلى القاضي وأخبره فجاء إلى القاضي فدفع الباب فانفتح فوجد القاضي نائما على بطنه وعلى ظهره غلام يفعل فيه الفاحشة فقال التاجر قلب الله حمص فقال القاضي لم تقول هذا فأخبره بجميع ما رأى فقال يا جاهل أما المؤذن فإن مؤذننا مرض فاستأجرنا يهوديا صيتا يؤذن مكانه فهو يقول ما سمعت وأما الإمام فإنهم لما أقاموا الصلاة خرج مسرعا فتلوثت رجله بالعذرة وضاق الوقت فأخرجها من الصلاة واعتمد على رجله الأخرى ولما فرغ غسلها وأما المحتسب فإن ذلك الجامع ليس له وقف إلا كرم وعنبه ما يؤكل فهو يعصره خمرا ويبيعه ويصرف ثمنه في مصالح الجامع وأما الغلام الذي رأيته فإن أباه مات وخلف مالا كثيرا وهو تحت الحجر وقد كبر وجاء جماعة شهدوا عندي أنه بلغ فأنا أمتحنه فخرج التاجر من البلد وحلف أنه لا يعود إليها أبدا .