آخر الأخبار
ticker مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشيرة النعيمات ticker عوني عمار فريج يحصد فضية بطولة المحترفين الرابعة للتايكواندو على مستوى المملكة ticker قرارات مرتقبة ومراجعة شاملة لمواقع قيادية في الأردن ticker المختبرات الطبية تدرس رفع الأجور ticker العرموطي يوجه 12 سؤالا للحكومة حول ضريبة المركبات الكهربائية ticker البنك الأردني الكويتي يبارك لمصرف بغداد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق لعام 2024 ticker عزم النيابية: خطاب العرش خارطة طريق لمرحلة جديدة ticker البرلمان العربي يثمن جهود الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية ticker برئاسة الخشمان .. تسمية اللجنة النيابية للرد على خطاب العرش ticker السفير البطاينة يقدم اوراق اعتماده في حلف الناتو ticker وزير العمل: إعلان الحد الأدنى للأجور خلال 10 أيام ticker رئيس هيئة الأركان يستقبل قائد قوات الدعم الجوي الياباني ticker لقاء تفاعلي حول التعليمات الصادرة عن نظام إدارة الموارد البشرية ticker النوايسة يلتقي أعضاء قطاع الإعلام الشبابي في المعهد السياسي ticker بالصور .. الأمن ينفذ تمرينا تعبويا شاملا لمواجهة الطوارئ ticker افتتاح مشروع نظام تجفيف الحمأة في البيوت الزجاجية الشمسية ticker المصري يؤكد أهمية تطوير أداء البلديات ورفع سوية خدماتها ticker وزير الأشغال يطلع على الأعمال النهائية لمركز حفظ المقتنيات الأثرية ticker ضبط كميات كبيرة من التمور مجهولة المصدر في الكرك ticker المستشار في الديوان الأميري الكويت يستقبل وزير الثقافة والوفد المرافق

تـنظيمـات إسـلاميـة عـابـرة للحـدود - الحلقة الثالثة عشرة

{title}
هوا الأردن - حمادة فراعنة

مقدمة لا بد منها
كتابي السابع عشر هذا « التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود « يصدر في سياق تفاقم حالة الصراع في العالم العربي واحتدامه بشكل عبثي ودموي، بعد انفجار ثورة الربيع العربي التي توسلت البحث عن : 1- التحرر والاستقلال، وامتلاك زمام المبادرة وحرية اتخاذ القرار، 2- الطمأنينة ولقمة العيش الكريم متضمنة ثلاثة مطالب أساس يفتقدها المواطن العربي هي الراتب المناسب، التأمين الصحي، والضمان الاجتماعي عند التقاعد والوصول إلى الشيخوخة، و3- الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة والاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع، ولذلك جاءت كتبي في سلسلة قضايا ثلاث رئيسة متداخلة، سلسلة الكتب الأردنية تحت عنوان : معاً من أجل أردن وطني ديمقراطي، وسلسلة الكتب الفلسطينية تحت عنوان : معاً من أجل فلسطين والقدس، وسلسلة الكتب العربية تحت عنوان : من أجل عالم عربي تعددي ديمقراطي موحد .
وكتابي السابع عشر هذا مرتبط بكتابين، سبق نشرهما، وهما: 1- حزب الإخوان المسلمين في الميزان، و2- الدور السياسي لحركة الإخوان المسلمين، في إطار تنظيمات وأحزاب التيار الإسلامي، تأكيداً لدورهم ومكانتهم وقيادتهم للحركة السياسية في العالم العربي، في غياب أحزاب التيار اليساري، وأحزاب التيار القومي، وأحزاب التيار الليبرالي، التي تضررت بفعل الحرب الباردة ونتائجها .
كما جاء كتابي هذا على خلفية كتابي الذي صدر العام 2013 عن ثورة الربيع العربي أدواتها وأهدافها، وحصيلتها أن الثورة ما كانت لتكون لولا توافر العامل الموضوعي المحفز للاحتجاجات والدافع لها والمتمثل بغياب الاستقلال السياسي والاقتصادي عن بعض البلدان العربية، وهيمنة اللون الواحد، والحزب الواحد، والعائلة الواحدة، والطائفة، والشخص الفرد المتحكم بمفرده في إدارة الدولة، في أكثر من بلد عربي، وأخيراً بسبب غياب العدالة والطمأنينة وعدم توافر الخدمات الأساس من صحة وتعليم وضمانات اجتماعية للمحتاجين .
أما العامل الذاتي في ثورة الربيع العربي، فقد اقتصر على مؤسسات المجتمع المدني بما تحمل من مفاهيم عصرية عن الديمقراطية والتعددية واحترام مشاركة المرأة في مؤسسات صنع القرار، وبما تملك هذه المؤسسات ( مؤسسات المجتمع المدني ) من علاقات مع مؤسسات أوروبية وأميركية توفر لها الحصانة والدعم المطلوبين، ولكن بسبب غياب دور الأحزاب اليسارية والقومية والليبرالية، فقد استثمرت أحزاب التيار الإسلامي حصيلة الربيع العربي ونتائجه كي تكون هي صاحبة القرار، سواء عبر تفاهمها مع الأميركيين، أو عبر حصولها على الأغلبية البرلمانية كما حصل في فلسطين والعراق ومصر وتونس والمغرب، أو لامتلاكها الخبرات القتالية على أثر دورها في أفغانستان، ورغبتها في التغيير الثوري الجوهري، فاحتكمت إلى وسائل العنف واستعمال السلاح لمواجهة الاحتلال الأميركي للعراق، او لإسقاط النظم القائمة في ليبيا وسوريا واليمن، وحصيلة ذلك إخفاق ثورة الربيع العربي للآن، رغم توافر العامل الموضوعي ونضوجه لقيام الثورة، تغييراً للواقع، نحو الأفضل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولكن الإخفاق الفاقع يعود لعدم نضوج العامل الذاتي، وكثرة نواقصه، وعدم اكتماله، بصفته أداة الثورة ومحركها، وطالما أن العامل الذاتي كان ناقصاً، ولم تكتمل حلقات نضوجه، فقد انعكس ذلك على ضعف أدائه وعلى نتيجة أفعاله، فغياب أحزاب التيارات الثلاثة اليسارية والقومية والليبرالية وضعفها، جعل الوضع متروكاً لقوة ونفوذ أحزاب التيار الإسلامي، التي لا تؤمن لا بالتعددية ولا بالديمقراطية، ولا تملك البرامج الاقتصادية والاجتماعية الكافية، لجعلها أداة في يد عامة الناس، وهدفاً لها كي تلتحم مع الثورة وتلتف حولها، فانطبق على المواطن العربي المثل القائل أنه مثل الشخص الذي هرب من الدلف فوقع تحت المزراب، وغدت الأنظمة السابقة بعجرها وبجرها، هي أفضل حالاً مما وقع لاحقاً، من هيمنة ونفوذ وتأثير الأحزاب الإسلامية، وقيادتها للعمل السياسي وللتغيير الثوري، مسنودة بعواصم إقليمية، فحاضنة الإخوان المسلمين تركيا وقطر، وحاضنة ولاية الفقيه الدولة الإيرانية؛ ما خلق حالة من الصراع الإقليمي والدولي المباشر في منطقتنا، وعلى أرضنا، وعلى حساب دماء شعبنا وثرواته .
إذن هذا الكتاب، ليس فلسفة معرفية، بل هو إضافة سياسية تراكمية، لوضع ثورة الربيع العربي في سياقها من أجل إنتصار الديمقراطية في العالم العربي، وتحقيق الطمأنينة بلقمة العيش الكريم بالصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وتحرير فلسطين .
هذا الكتاب يسلط الضوء على التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، أي أنه يستهدف القوى الإسلامية الأساس القيّا تأثيراً ومكانة في العالم العربي، ولا يستهدف تنظيمات إسلامية محلية في هذا البلد العربي أو ذاك، بصرف النظر عن قوتها أو ضعفها، بل هو يستهدف التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، والتي تعمل في السياسة، ولها تأثير على صنع القرار، أو على صنع الأحداث الجارية :
1- حركة الإخوان المسلمين . 2- ولاية الفقيه الإيرانية . 3- تنظيم القاعدة . 4- تنظيم الدولة الإسلامية داعش . 5- حزب التحرير الإسلامي.
لذا أرجو أن يقدم شيئاً جديداً، للقارئ، وللمكتبة العربية، وأن ينال الاهتمام كما يستحق، وفق الجهد الذي بذل وتحقق.
حمادة فراعنة *

تماثل الموقفين
موقف حركة حماس ، لم يتغير ، لا بخصوص دولة فلسطينية على حدود 67 ، ولا بخصوص المفاوضات مع العدو الإسرائيلي ، لأن ما قاله موسى أبو مرزوق ، لمحطة القدس الحمساوية ، سبق وأن قاله ، أكثر من مرة ، وبمفردات مختلفة ، تحمل المضامين نفسها ، وهو لا يملك الوضوح لأن يقول ذلك ، لولا سبق وأن قالها قبله مؤسس حركة حماس الشهيد أحمد ياسين ، بصراحة وبوضوح بالغين ، ولم يقلها موسى أبو مرزوق ، من قطاع غزة ، لولا أن سبقه وقاله رئيسه خالد مشعل من قطر ، بلهفة ورجاء وأمل ، أنه يريد « الشراكة « مع الرئيس أبو مازن ، وبين فتح وحماس ، الشراكة في قرار « الحرب والسلم « بكل وضوح وصراحة ، فهو يريد شراكة أبو مازن في قرار أي عمل كفاحي ، مثلما يجب أن يكون شريك أبو مازن في قرار المفاوضات مع العدو الإسرائيلي ، واحدة بواحدة ، شراكة بين طرفي المعادلة الفلسطينية ، رسالة واضحة ، صريحة ، بلا وجل ، أو تردد ، أو تلكؤ ، أن يكون القرار ، مسبقاً ، مدروساً ومشتركاً من الطرفين .
إذن ، إذا لم يكن هناك جديد في موقف حماس ، منذ عهد الراحل أحمد ياسين ولا يزال ، وأن ما يطالب به خالد مشعل ، ويعلن عنه موسى أبو مرزوق ، نفس السياسة للقضية نفسها ، إذن ما هو الجديد ؟؟ .
الجديد هو أن لغة المزايدات الشعبوية ، لم يعد لها قيمة ، والوضوح السياسي الذي يتحلى به أبو مازن ، يحتاج إليه مشعل وأبو مرزوق ويسعيان إليه ، فقد فشلا وفشلت حماس في أن تكون بديلاً لمنظمة التحرير ، وأوهامها في أن تكون بديلاً لمنظمة التحرير قد تلاشت ، بفشل إدارتها المنفردة لقطاع غزة ، وبسقوط حركة الإخوان المسلمين في إدارة مصر وقيادتها ، وبسقوط حركة حماس في أتون المواجهة السورية ، وإنحيازها للمعسكر الخليجي التركي الأميركي ، في معاداة نظام بشار الأسد ، ولذلك إنهزت مكانتها لدى معسكر إيران سورية حزب الله ، ولم تكسب المعسكر الأميركي ، لأن شروط التفاوض والتمثيل ، غير قادرة على الإستجابة لها للأن ، وعلينا أن نتذكر خطاب أبو مازن أمام المجلس المركزي يوم 27/4/2014 ، حول موقف حكومته أنها 1- تعترف بإسرائيل و 2- تنبذ العنف و3- وتتمسك بالإتفاقات الموقعة مع إسرائيل و 4- تواصل خيار التفاوض تحت الرعاية الأميركية ، لم تعلن حماس رفضها لمضمون خطاب أبو مازن ذاك ، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حينما قال الناطق بلسانها ، إن خطاب أبو مازن أمام المجلس المركزي يتضمن إيجابيات كثيرة متعددة ، ولم يسجلوا تحفظاً واحداً على خطابه الواضح ، لأنهم يريدوا من أبي مازن أن يصل بهم ومعهم ، للمواقع التي لا يستطيعون الوصول إليها منفردين .
اعتراضات محمود الزهار وغيره ، تقع في هامش المناورة والتعددية ، ولُعب الأدوار ، التي كان يُجيدها قادة فتح أيام الراحل أبو عمار ، ففي إجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الذي أقر إتفاق أوسلو في شهر أيلول 1993 ، لعن قادة فتح والفصائل ( أبو سنسفيل ) أوسلو ومن جاء به ومما فيه ، وعند التصويت نال 87 صوتاً من أصل 113 ، من عدد الحضور .
لست سعيداً ، بموقف حماس ، ولا بموقف فتح ، ولكنني سعيد ، بتلاقي الموقفين ، وتقاطعهما معاً ، وأن يعملا معاً ويسيراً في نطاق منظمة التحرير الواحدة الموحدة ، القائمة على برنامج سياسي مشترك ، وبأدوات كفاحية مختارة ومنتقاة ومتفق عليها ، وبالتحالف والعمل الموحد المشترك مع الطرفين المكملين ، لفتح وحماس وهما : 1- فصائل التيار اليساري وفصائل التيار القومي ، و2- الشخصيات المستقلة ، هذه المكونات الأربعة لفعاليات الشعب العربي الفلسطينية الكفاحية ، هي التي يمكن لها أن تقود العمل الموحد ، في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي المتفوق ، والعمل على دحره وهزيمته ، لأنه ظالم وقام على باطل ، ولا يملك مقومات العدالة مهما إمتلك من القوة والبطش والتعسف .
خلاصة المشهد السياسي أن لغة المزايدات السياسية تتراجع ، ولغة الوضوح السياسي تتقدم ، وهذا لا يعني ، ويجب أن لا يعني التنازل عن حقوق الشعب العربي الفلسطيني ، أو التراجع عنها ، سواء في قضية العودة للاجئين وفق القرار 194 ، أو في قضية الإستقلال وفق قرار التقسيم 181 ، ولكن شكل التخاطب ، يتغير ، ويجب أن يتغير حتى يفهم العالم ويتبدل ، لصالح حقوق الشعب الفلسطيني ، وعدالة هذه الحقوق .
العناوين الفلسطينية الثلاثة
المذابح التي اقترفها النازيون الألمان والفاشيون الطليان ومن معهم ومحارقهم ، ضد اليهود في أوروبا المسيحية ، قبل وخلال الحرب العالمية الثانية ، هي التي دفعت نحو تدفق العدد الكبير من المهاجرين اليهود الأجانب إلى فلسطين ، هروباً من اضطهاد الأوروبيين وكرههم لليهود ، ولولا العدد الكبير من هؤلاء المهاجرين اليهود الأجانب ، الذين حملوا معهم نزعاتهم العنصرية ومارسوها ضد أهل البلاد من الفلسطينيين العرب ، المسلمين والمسيحيين وارتكبوا أبشع أنواع الانتقام والأذى ضد الفلسطينيين ، بهدف طردهم من بيوتهم ، وترحيلهم عنوة على أيدي المنظمات الصهيونية إلى خارج فلسطين ، لولا ذلك لما قامت إسرائيل على حساب فلسطين .
ولولا المذابح الصهيونية ضد المسلمين والمسيحيين ، ولولا تدنيس الصهاينة الإسرائيليين المتكرر والمستمر لمقدسات الشعب العربي الفلسطيني ، الإسلامية والمسيحية ، ولولا محاولات وإجراءات إسرائيل الصهيونية العنصرية بجعل فلسطين دولة يهودية طاردة لأهلها وشعبها من المسلمين والمسيحيين ، لولا هذا كله ، لما تجرأ تنظيم الدولة الإسلامية داعش ، ومن قبله تنظيم القاعدة ، وغيرهم من التنظيمات الإسلامية المتطرفة ، بإرتكاب ما إرتكبوه من مذابح وقتل نخجل منها ، كوننا نشاركهم الإسلام ديناً ، والعربية قومية ، فالذي زرع البغضاء الديني والكره القومي ، في منطقتنا العربية قبل غيرهم ، هي الحركة الصهيونية اليهودية الإسرائيلية وأسيادهم المستعمرين الأوروبيين ، وسياسة أميركا المبرمجة وفق المصالح الإسرائيلية ، فعدم معاقبة إسرائيل على جرائمها بحق المسلمين والمسيحيين ، دفع تنظيمي القاعدة وداعش لإرتكاب جرائمهم ، بدون الخشية المسبقة من العقاب ، خاصة وأن القاعدة وداعش برزتا في ظل التحالف مع الغرب لمواجهة أعداء الغرب ، وعملت على توظيف الإسلام خدمة للمصالح الأميركية في أفغانستان ، ولاحقاً في العراق ضد صدام حسين ، وفي ليبيا ضد معمر القذافي ، وفي سوريا ضد بشار الأسد ، مثلما تم إستعمالها على أيدي القاعدة وداعش ضد إيران والشيعة في كل من سوريا والعراق .
وها هم الإسرائيليون كشروا عن أنيابهم العنصرية ضد الرئيس الفلسطيني بإستثناء الصحفي الشجاع الباسل جدعون ليفي والسياسية المحترمة رفيعة المستوى رئيسة حركة ميرتس زهافا غالون ، لأنه وصم إسرائيل بالعنصرية ، وأنها ترتكب الجرائم ويجب معاقبتها على جرائمها ضد الإنسان الفلسطيني ، فالعرض الذي قدمه أبو مازن ، والسياسة الواقعية التي عبر عنها أمام أهم منبر عالمي ، من على منصة الأمم المتحدة ، تكمن أهميتها بربطه بين مسألتين : بين إسرائيل العنصرية ، وبين إسرائيل الإحتلالية ، بين ممارسات إسرائيل العنصرية داخل مناطق الإحتلال الأولى عام 1948 ، ضد الشعب العربي الفلسطيني ، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة ، وبين ممارسات إسرائيل الإحتلالية الإستعمارية التوسعية ضد الشعب العربي الفلسطيني ، في مناطق الإحتلال الثانية عام 1967 ، في الضفة والقدس والقطاع ، والربط بين المسألتين والقضيتين والعنوانين ، خاصة وأن القضيتين غير مدرجتين في البرنامج الوطني الفلسطيني ، حيث يختصر البرنامج الفلسطيني نشاطه على العمل من أجل زوال الإحتلال وتحقيق الإستقلال لمناطق الإحتلال الثانية عام 1967 ، والتسليم غير المرئي وغير المعلن ، على أن إسرائيل لا شأن لنا بها في مناطق 48 ، فجاء أبو مازن ليربط القضيتين مع بعضهما البعض ، فلم يستطع الإسرائيليون تحمل ضربتين على الرأس بخطاب واحد ، فكيف لو تحدث عن القضية الثالثة وهي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948 ، وحقهم في إستعادة ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها ؟؟ .
ردود الفعل الإسرائيلية ، كانت متوقعة ، على خطاب الرئيس الفلسطيني لأنه ينسف الرواية الإسرائيلية ويعريها ويكشف زيفها ، ولكن ردود الفعل الأميركية لم تكن متوقعة ، لأن واشنطن كانت تعرف مضمون الخطاب سلفاً ، وسبق وأن عرفت فقرات الخطاب ومضامينه ومحتوياته خلال زيارة صائب عريقات وماجد فرج إلى واشنطن ، وعبر لقاء القنصل الأميركي في القدس ورام الله مع الرئيس ومع باقي القيادات الفلسطينية ، ولذلك كان الإستغراب الفلسطيني ، ودهشة مطبخ صنع القرار في رام الله ، من ردة الفعل الأميركية غير المتوقعة بهذا المستوى .
الخطاب الفلسطيني ، يجب أن يكون موحداً ليس فقط بالقضيتين المترابطتين : العنصرية في 48 والإحتلال في 67 ، بل يجب أن يكون شاملاً للقضية الثالثة ، بإعتبارها القضية الأولى ، ولها الأولوية لنصف الشعب العربي الفلسطيني ، وهي قضية اللاجئين في مخيمات الأبعاد والتشرد في بلاد المنافي والشتات ، فنصف الشعب الفلسطيني يعيش على أرض فلسطين الواحدة في المنطقتين ، منطقة 48 ومنطقة 67 ، والنصف الأخر يعيش خارج فلسطين مطروداً ويسعى للعودة ، والعودة المقصودة ليس إلى حدود الدولة الفلسطينية إن قامت ، بل العودة إلى اللد ويافا وحيفا وعكا وبئر السبع ، أي العودة إلى بيوتهم وإستعادة ممتلكاتهم وفق القرار 194 ، في مناطق 48 .
ربط القضايا الثلاثة مع بعضها البعض 1- المساواة في مناطق 48 ، و2- الإستقلال في مناطق 67 ، و 3- العودة للاجئين ، ولا حل ولا تسوية ولا إنهاء الصراع إلا بالعمل على حل العناوين الثلاثة ومعالجة القضايا الثلاثة : 1- العنصرية ، 2- الإحتلال ، 3- التشرد والطرد واللجوء ، هو الطريق الواضح والبرنامج الأوضح كي يعرف كل طرف حقوقه ، بدون تضليل أو مواربة أو تنازلات ، وهي سياسة جوهرية ، تعبر عن مصالح وتطلعات الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة في المساواة والإستقلال والعودة لمكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة أبناء 48 وأبناء 67 وأبناء مناطق اللجوء ، لا تفهمها التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود ، ولا تتعامل معها ، بطريقة جوهرية تصادمية مع عناوين وممارسات وسلوك المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، وإن كانت بعضها أو جميعها تتحدث بلغة شمولية ، ذات طابع عقائدي ، وأستثني من ذلك حزب الله وحركة حماس وحركة الجهاد ، حيث تملك بشكل أو بأخر سياسة واقعية عملية ومعقولة في تصادمها وفي جهادها ضد المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي .
التعددية المطلوبة
في فلسطين كما في الأردن حقق الإخوان المسلمون نجاحاً نقابياً ملموساً خلال فترة زمنية متقاربة ، ففي فلسطين يوم 22 نيسان 2015 حققت حركة حماس نجاحاً ملحوظاً في انتخابات جامعة بيرزيت حين حصلت كتلتها الطلابية على 26 مقعداً بمجموع 3400 صوتاً ، في مواجهة حركة فتح التي حصلت كتلتها على 19 مقعداً ، بمجموع 2554 صوتاً ، بنسبة مشاركة تجاوزت 77 بالمائة من عدد الطلاب الذين يحق لهم التصويت.
وفي الأردن نجح مرشح حركة الإخوان المسلمين المهندس ماجد الطباع في ان يكون نقيباً للمهندسين يوم 8 أيار 2015 بحصوله على 6666 صوتاً ، في مواجهة مرشح تحالف القوى الوطنية والقومية واليسارية المهندس خالد رمضان الذي حصل على 5039 صوتاً ، من أصل عدد المهندسين المسددين لاشتراكهم البالغ 61 ألفاً و723 عضواً يحق لهم الاقتراع ، وهذا يعني غياب أكثر من 48 ألف مهندس ومهندسة بنسبة مشاركة بلغت أقل من 20 بالمائة.
وسواء في فلسطين أو في الأردن ، فقد تمت الانتخابات الطلابية والنقابية في ظل أجواء رسمية غير دافئة من قبل أصحاب القرار السياسي والأمني ، في عمان ورام الله ، نحو حركة الإخوان المسلمين ، وبغير رغبة من جانب السلطات الرسمية في كلا البلدين أن يحقق الإخوان المسلمون هذا النجاح ، ولا شك أن القرار والأمنيات لدى الطرفين الأردني والفلسطيني هو عدم نجاح الإخوان المسلمين ، والعمل على عدم فوزهم ومع ذلك حقق الإخوان المسلمون النجاح وفازوا بالموقعين: في جامعة بيرزيت الفلسطينية ، وفي نقابة المهندسين الأردنية.
السؤال ماذا لو كانت حركة الإخوان المسلمين هي صاحبة القرار السياسي والأمني في البلدين ، هل تسمح بإجراء الانتخابات ؟؟ وهل تسمح بنجاح قوى المعارضة الوطنية والقومية واليسارية بالفوز في مواجهتها وفي ظل هيمنة رؤيتها الحزبية والعقائدية ؟؟ وهل تقبل بالهزيمة والإقرار بفوز القوى والاتجاهات والتيارات السياسية الأخرى المعارضة لها ؟؟.
لقد سبق لحركة الإخوان المسلمين – حركة حماس أن فازت في الانتخابات البلدية بعدد ملحوظ من بلديات الضفة الفلسطينية العام 2005 ، وفازت بالأغلبية البرلمانية لانتخابات المجلس التشريعي العام 2006 ، وشكلت حكومة حزبية برئاسة إسماعيل هنية اعتماداً على هذه الانتخابات وفي الحالات الثلاثة تم ذلك في ظل هيمنة إدارة حركة فتح وامتلاك قيادتها لقرار إجراء الانتخابات أو تأجيلها ، وسجلت حركة فتح قبولها والتعامل مع النتائج الأنتخابية عملياً وسياسياً وعلناً ، فهل تقبل حركة حماس الإخوانية بنتائج معاكسة لصالح حركة فتح فيما لو كانت حركة الإخوان المسلمين هي التي تتحكم بسلطة اتخاذ القرار؟؟ وهل تسمح بالوصول إلى مثل هذه النتائج وترضخ لنتائج الهزيمة؟؟.
ها هي حركة الإخوان المسلمين عبر حماس تسيطر منفردة على قطاع غزة منذ الانقلاب في حزيران 2007 ، فهل سمحت بإجراء الانتخابات البلدية والنقابية والطلابية بعد أكثر من سبع سنوات تتحكم وحدها في سلطة اتخاذ القرار؟ هذا هو مصدر القلق الأردني والفلسطيني والعربي عموماً من هيمنة وتسلط الحزب الواحد والعقيدة الواحدة واللون الواحد ، أسوة بما كان يفعل معمر القذافي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح وغيرهم ، وهذا هو أحد أهم أسباب هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي لأن البلدان التي سارت وفق النهج الإشتراكي لم تكن تسمح بالديمقراطية أو تداول السلطة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع ، وهذا هو سبب الاحتجاجات والمظاهرات والثورات الشعبية التي اجتاحت تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية.
فالأنظمة الشمولية اليسارية تمت هزيمتها ، والأنظمة القومية في مصر عبد الناصر وعراق صدام حسين وسورية حافظ وبشار الأسد ، إضافة إلى اليمن الاشتراكي سجلوا الإخفاق وعدم النجاح ، بينما نلحظ أن تجربة منظمة التحرير في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات الجبهوية الوحدوية التي جمعت الكل الفلسطيني من الوطنيين والقوميين واليساريين والمستقلين باستثناء الإخوان المسلمين كانت سبب النجاحات التراكمية المتواصلة التي حققتها في مواجهة أعداء الشعب الفلسطيني ، وفي مواجهة خصوم منظمة التحرير ، ولسبب جوهري أنها ضمت القطاع الأوسع من الشعب الفلسطيني في صفوفها ومؤسساتها ، وحققت حق تمثيلها لشعبها الفلسطيني سواء من أبناء المخيمات في بلدان اللجوء والشتات ، أو من قبل أهالي الضفة والقدس والقطاع ، أو حتى أبناء مناطق الاحتلال الأولى العام 1948.
مبادرات إرحيل الغرايبة ، وشجاعة عبد المجيد الذنيبات ورفاقهما ، تم الترحيب بها ولها ومعها في الأردن ليس لأنها قادت انشقاقات في صفوف حركة الإخوان المسلمين لإضعافها فليس ذلك هدفاً في برامجهم فهم أبناء وقادة الإخوان المسلمين ، ومن الظلم النظر لهم بغير ذلك ، بل تم النظر لهذه المبادرات والتعامل معها باحترام لأنها قد تستجيب لقيم العصر في قبول الآخر ، والإقرار بالتعددية ، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع ، وأن عملهم سياسي له مرجعية إسلامية وبمنطلقات إسلامية حقهم في ذلك مثل حق اليساريين والقوميين والليبراليين في الحياة وفي الانتصار وفي النجاح وفي الشراكة ، وأن تجارب الشمولية اليسارية والقومية ذات اللون الواحد كانت حصيلتها الهزيمة والفشل ، فالمراد عدم تكرار التسلط والهيمنة واللون الواحد في ظل حركة الإخوان المسلمين أو غيرها من أحزاب التيار الإسلامي ، كما حصل في غزة ومصر ، وكما يجري الآن من عمليات التصفية الدموية والصراعات المدمرة في كل من ليبيا وسورية واليمن والعراق والصومال ، على أيدي داعش و القاعدة وولاية الفقيه وحركة الإخوان المسلمين ، ضد بعضهم البعض ، وضد خصومهم السياسيين من الاتجاهات أو القوميات أو الديانات أو الطوائف الأخرى.

تابعوا هوا الأردن على