الهزة النفطية القادمة
الارتفاع الحاد لأسعار البترول إلى مستوى 115 دولار للبرميل خلال السنوات القليلة الماضية شكل في حينه صدمة موجعة للاقتصاد الأردني ، ورفع كلفة فاتورة النفط المستورد إلى أربعة مليارات من الدنانير أو ما يقارب 15% من الناتج المحلي الإجمالي.
ربما كان من حقنا أن نفرح بانخفاض أسعار البترول مؤخراً إلى النصف ، لأن ذلك يعني توفير حوالي مليارين من الدنانير سنوياً ولكن إلى متى.
لا خلاف بين المحللين والخبراء على أن سعر البترول سيرتفع ويعود إلى مستواه العالي السابق او أعلى منه ، ولكنهم يختلفون على التوقيت ، وما إذا كان هذا الارتفاع سيحدث خلال سنة أو عدة سنوات ، وبشكل تدريجي أو مفاجئ.
هذا يعني أن بانتظارنا هزة نفطية ثانية ومعاناة جديدة تكرر ما حدث لنا عندما كان السعر العالمي للبترول يتصاعد بسرعة تفوق قدرتنا على التكيف.
انخفاض سعر البترول المفاجئ مرحب به في بلد يستورد البترول من السوق العالمية شريطة أن يكون الانخفاض دائماً ، ولكنه للأسف ليس كذلك ، وبالتالي فإن الاقتصاد الأردني سوف يتعرض قريباً لهزة نفطية جديدة ، تتكرر معها المعاناة التي عشناها خلال الهزة النفطية السابقة ، ونضطر لإعادة تجربة التكيف المؤلم مرة أخرى.
هل كان أمام الحكومة الأردنية وسيلة لتأمين الاستقرار في الأسعار وتجنب الهزة القادمة؟ الجواب نعم ، كانت الحكومة تستطيع الإبقاء على الأسعار المحلية كما كانت في النصف الأول من العام الماضي التي تكيف معها الاقتصاد الوطني واستوعبها ، على أن تستعمل الوفر البالغ مليارين من الدنانير لتخفيض المديونية التي تثقل كاهل الأجيال القادمة.
في الحد الأدنى كانت الحكومة تستطيع الإبقاء على الأسعار العالمية للبنزين بالذات ، فتوفر علينا آلام الهزة القادمة ، وتحصل على مبلغ سنوي هام ، يحقق فائضاً في الموازنة العامة ويخفض المديونية.
صحيح أن خطوة حكومية كهذه لا تتمتع بالشعبية ، ولكن الدفاع عنها ممكن ، وللأسف فقد فاتت الفرصة ، وما علينا سوى أن نتوقع تكرار الهزة النفطية والآلام التي تصاحبها.