آخر الأخبار
ticker مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشيرة النعيمات ticker عوني عمار فريج يحصد فضية بطولة المحترفين الرابعة للتايكواندو على مستوى المملكة ticker قرارات مرتقبة ومراجعة شاملة لمواقع قيادية في الأردن ticker المختبرات الطبية تدرس رفع الأجور ticker العرموطي يوجه 12 سؤالا للحكومة حول ضريبة المركبات الكهربائية ticker البنك الأردني الكويتي يبارك لمصرف بغداد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق لعام 2024 ticker عزم النيابية: خطاب العرش خارطة طريق لمرحلة جديدة ticker البرلمان العربي يثمن جهود الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية ticker برئاسة الخشمان .. تسمية اللجنة النيابية للرد على خطاب العرش ticker السفير البطاينة يقدم اوراق اعتماده في حلف الناتو ticker وزير العمل: إعلان الحد الأدنى للأجور خلال 10 أيام ticker رئيس هيئة الأركان يستقبل قائد قوات الدعم الجوي الياباني ticker لقاء تفاعلي حول التعليمات الصادرة عن نظام إدارة الموارد البشرية ticker النوايسة يلتقي أعضاء قطاع الإعلام الشبابي في المعهد السياسي ticker بالصور .. الأمن ينفذ تمرينا تعبويا شاملا لمواجهة الطوارئ ticker افتتاح مشروع نظام تجفيف الحمأة في البيوت الزجاجية الشمسية ticker المصري يؤكد أهمية تطوير أداء البلديات ورفع سوية خدماتها ticker وزير الأشغال يطلع على الأعمال النهائية لمركز حفظ المقتنيات الأثرية ticker ضبط كميات كبيرة من التمور مجهولة المصدر في الكرك ticker المستشار في الديوان الأميري الكويت يستقبل وزير الثقافة والوفد المرافق

ثورة على أنظمة «المحاصصة» وأحـزاب الطوائـف والمـذاهــب

{title}
هوا الأردن - عريب الرنتاوي

عَجِز نظام “المحاصصة” المذهبية والطائفية عن جمع القمامة في بيروت، ولم ينجح في تأمين الماء والكهرباء لأهل العراق، دع عنك حفظ وحدة البلاد وأمنها واستقرارها ونمائها ... نحن إذن، إمام أنظمة مصابة بـ “إعاقة بنيوية”، تجعل منها أنظمة خارج العصر بقواعده وقيمة ومعاييره.


أنظمة الطوائف والمذاهب، مُولِّدة بحكم طبيعتها، للفساد بشتى صوره وأشكاله، فيها تترعرع الزبائنية والمحسوبية والواسطة، ومن رحمها تُخلق طبقة من الفاسدين والحكام والإداريين غير الأكفّاء، لا مطرح فيها للمساءلة والمحاسبة، ولا مكان بين ظهرانيها لمعايير جودة الأداء أو كفاءته ... فأنت مدين لطائفتك أو مذهبك أو “هويتك الفرعية” في كل ما أنت فيه وعليه، ولا معنى هنا لمفهوم المواطنة وتكافؤ الفرص والعدالة أو المساواة وسيادة القانون ... قوانين الملل والنحل هي السائدة، وأمراء الطوائف والمذاهب هم المراجع و”المرجعيات”، لا فرق إن كانوا زعماء “مُعَممين” كما في عموم الطبقة السياسية العراقية الجديدة، أم ساسة بـ “الجنيز” أو “البولو شيرت” كما هو حال نظرائهم اللبنانيين.


والطائفية والمذهبية، واستتباعا، أنظمة “المحاصصة” المتأسسة عليها، هي نتاج “تسييس الدين” أو “تديين السياسة” ... كل خطاب ديني، سينتج خصومه ونقيضه ومجادليه بالضرورة والتعريف، فما أن تُشهر عن حزب مسيحيي حتى تتكاثر الأحزاب الإسلامية، والعكس صحيح ... وما أن تعلن عن قيام جماعة سنيّة، حتى تتناسل أحزاب وجماعات المذاهب الأخرى، وهذا أمر إنساني، فتحديد هوية مذهبية أو دينية لجماعة سياسية معنية، سيدفع كل من هو خارجها، للبحث عن هوية دينية أو مذهبية يتميز بها، أو يميز بها نفسه عن الآخرين كذلك ... لذلك قضت دساتير وأعراف دول عدة، بمنع قيام الأحزاب والجماعات على أسس دينية أو مذهبية.


وتستمر متوالية الانقسامات بفعل فعلها، فإن أنت أعلنت عن حزب ذي مرجعية إخوانية، توالدت الأحزاب السلفية والصوفية وغيرها، فتصبح الطائفة الواحدة، أو المذهب الواحدة، نهباً لمفاعيل تلك المتوالية، وانظروا إلى العراق، كم من حزب وجماعة وميليشيا متناحرة بمرجعية شيعية، وكم منها بمرجعيات سنيّة مختلفة ومحتربة... انظروا إلى سوريا، وحروب الإخوة الأعداء، بين مدارس الإسلام السياسي السني المسلحة، كيف يكفّر بعضها بعضاً، وأغلبها من مرجعية سلفية مُرَجّحة، وكم من القتلى والجرحى قد سقطوا في حروب البحث عن “الإسلام الصحيح”.


لا يمكن لحزب ديني أو بمرجعية دينية، إلا أن يكون طائفياً أو مذهبياً، اللهم باستثناء تلك التي جعلت من الدين منظومة قيمية وأخلاقية مجردة، لا أكثر، ولم ترغب في جعله نمط حياة ومرجع مؤسس للحياة السياسية والاجتماعية ... ولم أعرف عن حزب بهذه المرجعية، لم ينزلق إلى مستنقع المذهبية والطائفية، أو نجح في الارتقاء إلى مصاف الحزب الوطني/ القومي الجامع والجمعي على المديين المتوسط والبعيد ... صحيح أن بعض الأحزاب الدينية ينجح في لحظات معينة من التاريخ في كسب تأييد مواطنين من مذاهب وأديان أخرى: حماس في فلسطين، حزب الله في لبنان على سبيل المثال لا الحصر، لكن على المديين المتوسط والبعيد، نرى الفشل قرين تجربة هذه الأحزاب والجماعات، إذ تبدأ الجماعات الأخرى بالانفضاض من حولها، عند أول مواجهة أو اشتباك في قضايا الحقوق والحريات وتطبيقات الشريعة والأحوال المدنية ونظام الحكم والتعددية إلى غير ما هنالك من عناوين، هي بمثابة “خطوط تماس” قادمة لا ريب فيها.


بهذا المعنى، فإن نجاح الأحزاب ذات المرجعية الدينية أو المذهبية في قيادة دفة البلاد والعباد يظل نسبياً في الزمان والمكان، ومشروطاً ... كلما اقتربت من ضفاف الخطاب المدني – الديمقراطي ذي المرجعية الوطنية / القومية الجامعة، كلما طال أمد نجاحها وتقدمها، وكلما ابتعدت عن هذا الفضاء وانغلقت على خطابها “المؤسس” كلما تسارعت وتيرة انحدارها وتراجعها: تركيا العدالة والتنمية تعطي أفضل النماذج لحالتي الصعود والهبوط معاً ... فالحزب الذي قاد “المعجزة التركية” في العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين، انتهى به المطاف إلى معول هدم للنسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية في البلاد، فعادت المسألة الكردية إلى مربعها الأول، ونشأت مسألة علوية، وتحول المجتمع التركي إلى مجتمع مستقطب بالكامل، أقل من نصفه يؤيد العدالة والتنمية في مختلف الظروف، والبقية تناصبه العداء ولا تقف على الحياد، هؤلاء ليسوا كتلة مترددة كما في الديمقراطيات المستقرة، وفي تركيا الحديثة، من ليس مع الحزب الحاكم فهو ضده، وهذا هو جوهر خطاب زعيم الحزب على أية حال.


وبهذا المعنى أيضاً، فقد آن أوان مراجعة بعض الفرضيات والمسلمات التي نشأنا عليها، كالقول مثلاً أن الدين عامل توحيد للأمة، وانظروا إلى انقسامات وحروب المجتمعات العربية والمسلمة الداخلية منها والخارجية، بمن فيها تلك المجتمع المسلمة بالكامل أو ذات الأغلبية الكاسحة من المسلمين، جميع حروبها وانقساماتها، ذات طابع طائفي ومذهبي، ومعظم إن لم نقل جميع، أطراف هذه الصراعات والحروب، ينتمون لمنظمات وجماعات وجهات، ذات مرجعية دينية، أو تدعي النطق باسم “صحيح الإسلام”، أو ربما تستخدم الدين كوسيلة لخدمة أهداف سياسية: تعددت الأسباب والنتيجة واحدة.


وتزداد خطورة الدور التفتيتي لأحزاب المرجعيات الدينية والمذهبية، في بلدان “الفيسفساء” القومية والعرقية والدينية، مثل دول المشرق العربي، وتحديداً في الهلال الممتد من بغداد حتى بيروت، مروراً بدمشق، الوضع في الخليج ليس خروجاً عن هذه القاعدة ... هنا بالذات، لا يمكن لحزب ديني أو مذهبي، أن يكون توحيدياً، فهو بالضرورة سيُنتج نقيضه، أو ربما يكون قد نتج عن نقيضه ... وحاصل جمع أحزاب تفتيتية قائمة على الهويات الفردية، لا يمكن أن يفضي إلى وحدة وطنية صلبة ومستدامة، لا يمكن ان يخلق دولة المواطنة المتساوية والقانون الواحد، والفرص المتكافئة للجميع.


انتفاضة الشعبين العراقي واللبناني (بالأخص العراقي) ضد أحزاب الطوائف والمذاهب، تكشف مأزق وإفلاس نظام المحاصصة وأحزاب المذاهب والطوائف، وتستعير روح “الربيع العربي” في وقت ظننا أنها صعدت إلى باريها، وتعيد الاعتبار للخطاب المدني – الديمقراطي ودولته وأدواته، باعتباره وحده القادر على التصدي بنجاح لتحديا.


تابعوا هوا الأردن على