خيط الحرير
العنوان الذي منحته الصين لمعرض " الصين والدول العربية " الذي شارك فيه الأردن كضيف شرف ، وبحضور جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، يستحق أن نتأمله قليلا لكي نمسك بطرف خيط الحرير الذي تنتجه دودة القز، ذلك المخلوق العجيب الذي مد خيوطه لربط أمم وشعوب منذ ما يزيد عن خمسة ألاف عام من عمر البشرية على الأرض .
" إعلاء روح طريق الحرير وتعزيز التعاون الصيني العربي " وليس إحياء طريق الحرير التي فتحت طرقه البرية والبحرية آفاقا لتفاعل إنساني ثقافي فكري اقتصادي وحتى ديني ، لأن الحرير ليس مجرد بضاعة رائجة مرتفعة الثمن ، وإنما هو عنوان لحيوية أو دورة متكاملة تضع العالم في شرنقة بها روح قبل أن يحلق في فضاء من تعاون وتبادل لا نهائي !
في وقت مناسب جدا ذهب الأردن إلى الصين وكوريا الجنوبية في زيارة لها أبعادها السياسية والاقتصادية ، جلالة الملك أجرى مباحثات رسمية هامة ، وقام بنشاطات هدفها شرح قيمة الأردن ودوره في منطقة الشرق الأوسط ، وميزاته الإستراتيجية والاستثمارية ، فيما راح الوفد الاقتصادي الأردني يعرض ما لدينا من فرص استثمارية ، ورغبة أكيدة في التعاون الاقتصادي ، وغير ذلك مما تتيحه تلك المناسبات من فتح آفاق جديدة للتعاون المثمر .
تسمية طريق الحرير حديثة العهد ، فقد ظهرت في القرن التاسع عشر ، وله تسمية أخرى " طريق التوابل " ودائما كانت له روح ، وعلى مر زمن كانت فيه التجارة مدخلا للتفاهم وتبادل المصالح ، واليوم هو بحاجة لإعلاء روحه وليس خارطته البرية أوالبحرية ، فوسائل المواصلات الحديثة تجاوزت العناء والمخاطر القديمة ، وإن كانت الحسابات أكثر تعقيدا من أي وقت مضى .
الصين ثاني قوة اقتصادية في العالم ، والأردن بلد يحظى بفرص استثمارية حقيقية وثروات دفينة أو قابلة للتصنيع ، وليست المشكلة بالبيئة الاستثمارية على أهميتها، بل بمعرفة مسك الطرف الآخر من الخيط الرفيع الذي التقطه جلالة الملك في زيارته للصين وكوريا الجنوبية ليعطيه إلى القطاعات المعنية بالمتابعة والتنفيذ ، فهل تفعل ؟