خطوة إلى الأمام
النقاش الدائر حول قانون الانتخاب الجديد هو كذلك نوع من الحوار الديمقراطي الذي يدل على أن العملية السياسية ، أو الإصلاح السياسي يتقدم إلى الأمام ، ونحن اليوم أمام نوعين من الآراء ، أحدهما يرى أن القانون الجديد هو أفضل ما لدينا في هذه المرحلة ، والثاني يطالب بمزيد من الخطوات وصولا إلى ما كنا عليه في مرحلة سابقة ، لكن جميع الآراء تلتقي على أننا تجاوزنا مرحلة قانون الصوت الواحد ، وهو ما يمكن اعتباره خطوة إلى الأمام .
ما بين القائمة المغلقة والقائمة المفتوحة ثمة عامل يجب التركيز عليه من الآن ، أنه نوعية القائمة التي يجب أن تشكل ائتلافا بين مجموعة من المرشحين الذين يلتقون على برنامج انتخابي راق ورصين ، وواقعي أيضا ، وأن يكون التنافس على المصلحة العليا لبلدنا هو المعيار الذي يستجيب له الناخب .
تلك مسؤولية مشتركة بين المرشح والناخب ، فقد تعرض المجلس لانتقادات من الناخبين على مدى السنوات الماضية ، وهذه فرصتهم لكي يحسنوا الاختيار هذه المرة ، مثلما هي فرصة للمرشحين لتقديم صورة أفضل مما ألفناه في تلك السنوات التي شهدت بعض الممارسات الصادمة ، فضلا عن كثير من القوانين التي أقرها مجلس النواب من دون مشورة حقيقة مع الأطراف ذات العلاقة بتلك القوانين .
تقتضي الموضوعية أن نناقش التجربة البرلمانية بما لها وما عليها ، فالقانون الجديد ليس هدفا في حد ذاته ، إنه وسيلتنا للارتقاء بالسلطة التشريعية ، والحوار الوطني ضروري خلال مرحلة ما قبل موعد الانتخابات المقبلة كي نضمن سلامة التوجه وثبات الموقف في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء .
التحدي الداخلي يكمن في واقعنا الاقتصادي الاجتماعي ، والتحدي الخارجي يكمن في الأوضاع غير المستقرة من حولنا ، وهي أوضاع معقدة وقابلة لمزيد من التوتر بما يلقي بمزيد من الأعباء على قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية التي تعاملت حتى الآن بكفاءة واقتدار ، وهي بحاجة في جميع الظروف والأحوال إلى جبهة داخلية رصينة ومتحدة تساهم جميع القطاعات في بنائها وترسيخ قواعدها القائمة .
قانون الانتخاب الجديد مناسب جدا لهذه المرحلة ، وهو ترجمة عملية لما سعى إليه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين نحو قانون عصري ، أي قانون متطور ومعاصر لطبيعة المرحلة التي يمر بها بلدنا ، ومستجيب مع عملية الإصلاح الشامل ، وهو بالنسبة للأردنيين مكسب ديمقراطي ، أما النقاش حول بعض التفاصيل فهو نقاش صحي يدل على مستوى الوعي السياسي الذي نحتاجه لبناء بلدنا ، في وقت ترينا فيه الأحداث من حولها أن دولا قد انهارت لأن شعوبها كانت ممنوعة من مجرد النقاش وإبداء الرأي !