الملك والحكومة وبينهما بون شاسع
لا يختلف اثنان على حقيقة وجود بون شاسع بين ما يقوله جلالة الملك ويرغب بتطبيقه وبين الأداء الحكومي غير المتوافق مع طروحات جلالته. نعلم جميعا أن الملك رئيس السلطات الثلاث وهو دائم التوجيه لهذه السلطات وخصوصا التنفيذية منها نحو ما يخدم المواطن ويخفف من أعبائه ونحو ما يخدم الوطن من خلال البرامج والخطط والمشاريع التي تعمل على تطوير الإنسان الأردني والإرتقاء بمستوى معيشته.
لقد سمعنا جلالته مرارا وتكرارا وهو يقر بمنتهى الوضوح بالمعاناة التي يعيشها المواطن الأردني وأن هذا الإنسان الذي يأتي في صلب مسؤوليته مثلما هو في صلب مسؤولية الحكومة، يستحق وبجدارة حالا أفضل من الحال الذي يعيشه ويحتاج الكثير من الدولة، إذ يُفهم ذلك إشارة لتقصير الدولة بحق من يفترض أن تسهر على راحته وتعمل على إسعاده من خلال أدائها الذي يجب أن ينتهي بصالح المواطن.
لقد أقر جلالته يوما وبأوج الإنفجار العربي بانعدام ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، ولم نلاحظ أي خطوة من الحكومة باتجاه خلق الثقة أو استعادتها إن وجدت يوما. لقد أقر جلالته بالحال المعيشي المتردي الذي سببته ضرائب وأسعار وسياسات الحكومة، ولم نلاحظ أي إجراء أو قانون أو تشريع بهذا الخصوص من شأنه التخفيف عن المواطن. بل القوانين تشرع للتضييق على المواطن وعرقلته وتقليل الفرص.
لقد بين جلالته على أن تكون الحكومات برلمانية تفرزها الأحزاب الحقيقية، ولم نلاحظ أي نوع من التهيئة لخلق مناخ مناسب امام تشكيل الأحزاب، إذ ما زال الأردنيون يتوجسون خيفة من الإنضمام للأحزاب بسبب تجاربهم المريرة مع الأجهزة الأمنية وخصوصا في القرن الماضي.
أثناء لهيب الإنفجار العربي أشار جلالته لحاجتنا لثورة بيضاء تجُبُّ ما قبلها بعفنه وفساده وترهله ما أوصلنا للحال الذي نعيشه الآن. لم نلاحظ الحكومة تخطو باتجاه تنفيذ ذلك الأمر الملكي وهو إطلاق الثورة الملكية البيضاء. وعلى غير التوقع رأينا عمر المعاني يخرج من السجن وباسم عوض الله أحرقت الوثائق والأوراق التي تدينه بقدرة قادر وأعلنت براءته من مجلس التشريع الموقر آنذاك وها هو مبعوث خاص لجلالة الملك يحظى بالثقة المطلقة ويعتمد عليه بالمهمات الصعبة وهو عراب البيع لمقدرات الأردن والمشاريع الإفقارية وكان يتنقل بين الوزارات "لعدم وجود شخص بديل ومؤهل في الأردن".
"لا أحد فوق القانون حتى لو كان إبني" جملة قالها جلالته خلال المطالبة الحثيثة بمحاسبة الفاسدين واسترداد ما سلبوه من جيوب المواطنين. لكن للأسف نرى من هو فوق القانون عندما يتم التعيين بالمناصب العليا. نرى الرئيس يتجاوز اللجنة العليا المعنية ويعين الأقارب والأصهار والأصدقاء مما يعني أنه لا يتقيد ولا يلتزم بما سنَّه مما يجعل من اللجنة العليا مجرد حبر على ورق خدم هدفا معينا في وقت معين. كما يعني هذا التجاوز أن الأردن يدار بمزاجية وتفرد يرتقيان بالرئيس فوق القانون.
نخلص إلى أن هناك حلقة مفقودة بداخلها يكمن سر هذا النهج المستمر دون تغيير أو تعديل. هناك سؤال يدور بأذهان الأردنيين حول سر استمرار حكومة عبدالله النسور وهي الحكومة الأكثر انتقادا من الصحافة والمواطنين والأكثر إبداعا بخلق وسائل زيادة المعاناة والضغط، والأكثر احترافية برفع الأسعار والضرائب والأكثر كرما باستضافة اللاجئين والأكثر رفعا للديون والأقل عونا للمواطنين والأكثر تعيينا على أساس المحسوبية بأنواعها.
أليست هذه الأسباب وغيرها الكثير كافية لكي تطرد هذه الحكومة؟؟ ألا تلاحظوا أعزائي أن في الأمر ما يدعو للحيرة والدهشة ونحن نسمع جلالة الملك يتحسس همومنا ومنغصاتنا ويقوم بالتوجيه نحو الحلول الناجعة بينما الحكومة بأدائها الذي نعرف كأن الأمر لا يعنيها؟؟ هل من مجيب؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com