الشيطان يخوف اوليائه
قال تعالى ( ولمن خاف مقام ربه جنتان) الإنسان خلق بعقل مميز قادر على الإدراك والتحليل والاستنتاج يدرك ويستوعب الأمور وهذا العقل بحاجة لمعرفة ذاته كانسان ودوره في الحياة والسبيل لتحقيقه ، لهذا كانت الهداية للطريق السليم لتعرف الإنسان على كيانه والطريق السليم لتفاعل الإنسان مع ذاته ومع محيطه ضمن ضوابط الحلال التي تجعل من الإنسان امة كما هو الحال مع أمم الفطرة كالحيوان والطير وحتى الحشرات ، وكذلك هداية التحذير من المحرمات التي تبعد الإنسان عن الضلالة والضياع ، وهذه الهداية وبنوعيها لا يمكن تحقيقها والتوصل للحكمة منها إلا بوازع إيماني، لهذا فان الكثير من المعلومات عن أسباب شقاء الإنسان وأمراضه النفسية قد توصل إليها نتيجة التجربة والعناء إلا انه وقف عاجزا عن تصحيح مساره .
الله سبحانه وتعالى يخاطب الإنسان لطاعته في الأمر من خلال شعور الخوف من منطلق الحب والأمل في النفس البشرية ،فالخوف هو وليد الحرص وهذا وليد الحب في النفس البشرية ،فالإنسان يعبر عن حبه وحرصه على الولد أو المركبة أو ما يملكه بشعور الخوف ،ولهذا فان من علامات التوصل لحلاوة الإيمان وحب الله تعالى عند المؤمن الخوف من الكفر بعد الإيمان كون الخوف على الفضيلة قد ترجم للسكينة والاطمئنان والعزة والكرامة بالمقابل فان الله تعالى يخاطب الإنسان لنهيه عن المنكر بشعور الخوف من منطلق كره الأذى والضرر والحزن في النفس البشرية،فطاقة الشعور بالخوف تفوق كل طاقة.
الله سبحانه وتعالى قد جعل الخوف في الفطرة الإنسانية محدودة الفهم عند الإنسان، كالحفاظ على نفسه والحرص عليها من كل خطر يهددها ، والخوف على ما يملك ،لهذا فان شعور الخوف هو الغالب على حياة الإنسان لجهله لحقيقة أهمية الإيمان في تصحيح شعور الخوف عنده، وأهميته في فهم أهمية ما أمر به الله تعالى ، وما نهى عنه ،وأهميته في فهم دستور وقوانين الخالق في حكمه للكون والإنسان في الحياة الدنيا فالأعمال تترجم في حياة الإنسان بين الشقاء والسعادة فالجزاء من جنس العمل في الدنيا،لهذا فمن باب أولى أن يجعل الإنسان خوفه من الله تعالى لحبه له من خلال الإتباع ، ليحفظ حياته وأبنائه وماله من الضياع ليتوصل للاطمئنان والهدوء والسكينة، وفي النهاية فان الإنسان مخير في الدنيا بين طريقين إما الخوف من الله تعالى وجنة الدنيا وإما الخوف من الشيطان و نار الدنيا.
لهذا فان التلاعب بمفهوم شعور الخوف هو مدخل الشيطان الرئيس على الإنسان الذي لم يتسلح بوعي الإيمان ليغوص في أعماق علمه ويشعر بأهميته وبنوره في عصر الظلام الذي لم يتعض الإنسان رغم معاناته وشعوره بضيق الصدر والخوف،ولهذا فقد حذر الخالق المؤمنون من خطوات الشيطان وأمرهم بالتعوذ به ومن وسوسته ،فالإنسان بدون إيمان لو ملك الدنيا وما فيها سيبقى يخاف الفقر وعد الشيطان للإنسان وهذا الخوف يجعل الإنسان يظلم ويتعدى على حقوق الآخرين ،خوف يحثه على الغش واكل مال اليتيم والقتل والحروب ،خوف يحثه على الربا الذي فيه استعباد للبشر ولجهدهم مما يفقرهم ،الخوف من الفقر يوصل الإنسان للبخل والشح حتى على نفسه ، لهذا فقد ربط الله تعالى نيل الخير والبر للمؤمن بان تكون الصدقة مما يحب .
الشيطان يخوف أوليائه من سلوك طريق الخير كونه الطريق الوحيد الذي يمكن الإنسان من التعايش مع نفسه ومع الآخرين في ود لإصلاح الحياة وتحقيق الأمن والأمان للإنسان والمجتمع والبشرية ، فلو نظرنا ببصيرة الإيمان لواقع الحال الذي صنعه الإنسان لأدركنا إننا نساق كشياطين خرساء إلا ما رحم ربي لما وعد به الشيطان وتخويف الإنسان من عمل الفضيلة لتسوء الأخلاق من أمراض النفس وجهل العقل وتفسد الأرض ومن فيها وهذا هو الواقع الذي تعيشه البشرية في هذا الزمان ضمن قوانين ودساتير مبنية على ما وعد به الشيطان وخوف أوليائه الذين يقلبون الحق للباطل .
الشيطان لا يملك من السلطة إلا الوسوسة وهي التي يجند بها المتكبرين على الحق و الملحدين والمنافقين(شياطين الإنس) للانقلاب على العدل والصدق والمعروف بين الناس بمسميات التضليل العديدة ،يحضرني في هذه اللحظة، قصة من أحسن إلى مترجل على طريق، فاركبه خلفه على حصانه ،فعندما سنحت الفرصة للمترجل سرق الحصان وفر به عندها ناداه المحسن يا هذا لا تذكر فعلتك هذه على الناس،حتى لا ينقطع المعروف بين الناس.