ثروتنا في قيمنا
على امتداد عقود طويلة، درجنا في الأردن على القول إننا نفتقر للثروات الطبيعية الضرورية للمضي بعملية التنمية بصورتها المثلى، كما لاجتذاب رؤوس الأموال العالمية للاستثمار لدينا.
من وجهة نظر عمومية، تبدو المقولة صحيحة تماماً. لكننا في هذا الزمن السريع التغيّر، لا بدّ وأن نولي مسألة أخرى حاسمة كل الانتباه، وهي سيادة الأمان والاستقرار اللذين لا بدّ أن يغريا رؤوس الأموال لاعتماد بيئة ما حاضنة ومستقرا لأعمالها.
وفي منطقة يعصف فيها العنف والاقتتال والفوضى، يبدو حتى مستقبل بلدان كثيرة غائما، يظهر الأردن كما لو أنه الواحة الظليلة وسط صحراء قاحلة. وهو الأمر الذي ما كان ليتحقق لولا ثبات السياسات التي انتهجتها المملكة منذ تأسيسها، مترافقا ذلك مع تطوير مستمر في التشريعات التي صبّت في مصلحة تعزيز قيم الحياة المدنية، والحريات وحقوق الإنسان. ولتكتمل بالنتيجة المنظومة التي دأب جلالة الملك عبدالله الثاني على التشديد على تطويرها باستمرار، بما يتماشى مع ما هو موجود في أعرق الديمقراطيات العالمية.
تلك هي البيئة القيمية التي يعرضها الأردن اليوم أمام المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي بالبحر الميت، والتي يؤكد رسوخها حرص القائمين على المنتدى على تنظيمه في الأردن للمرة التاسعة. وبما يجسد، بالتالي، الأهمية الخاصة التي تحظى بها المملكة، وفرص الاستثمار الكثيرة والكبيرة التي من الممكن للمسؤولين الأردنيين تسويقها بطريقة عملية وبنجاح أمام المشاركين.
كذلك، تلك هي البيئة القيمية التي تعد ثروتنا الطبيعية، والتي طوّرناها على مدار عقود، ليصبح الأردن على ما هو عليه اليوم؛ واحة آمنة ترحب بالجميع، وتمنحهم فرصاً متساوية في مجال المنافسة وإمكانات التطور والنجاح.
الجلسة المخصصة في المنتدى للحديث عن الأردن، ستكون فرصة حقيقية لتبيان الإمكانات الاقتصادية الكبيرة، وفرص الاستثمار الحقيقية التي ما تزال مشرعة أمام رؤوس الأموال العالمية في هذا البلد الآمن المستقر.
نستطيع اليوم القول بكل ثقة وقوة، إن هناك بيئة استثمارية حقيقية في المملكة، تعبّر عن نفسها بالتطور السريع في جميع مناحي الحياة اليومية، ويعززها وجود الإنسان المؤهل والمدرب، خصوصا مع مئات الرياديين الذين أسسوا مشاريع لاقت صدى على مستوى العالم ككل.
وليس يقل أهمية عما سبق، إن لم يكن الأهم فعلاً، خصوصا بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال، وجود منظومة تشريعية متكاملة، قادرة على حماية مصالح كل من البلد المضيف والمستثمرين، على حد سواء. فهذا هو الاشتراط الأهم الذي يبحث عنه المستثمرون في البلدان التي يدرسون العمل فيها، وهو، كذلك، ما نفخر بأنه واحد من سمات الأردن المميزة والأصيلة في آن.
في الأردن يحق لنا أن نفخر بكل ما تحقق، وأن نحلم أيضا بواقع استثماري أفضل يضمن المستقبل الزاهر للبلد وأهله، بالعمل الجاد على تسهيل الأعمال، وتحسين موقع الأردن في مختلف التقارير والمؤشرات الدولية.