مرض نفسي
أصبحت على يقين تام بأن العامل النفسي له الدور الأكبر وراء معظم الأمراض التي يصاب بها الناس ، فهناك أناس بمجرد ما يصاب بلفحة هواء أو رشح يأخذه التفكير والوسواس بالأمراض الخبيثة والقوية ، فيسيطر عليه العامل النفسي أكثر من التشخيص الطبي ويصبح طريح الفراش وبحاجة إلى مرافق ( وهذا الشيء أكثر ما يحدث مع النساء) .. وعندما قلت على يقين تام كان التيقن بناءً على مشاهد ووقائع حدثت أمامي ، فقبل عشرون عام تقريبا كانت امرأة مسنة بالسبعينيات من عمرها تشتكي وجع وصداع في الرأس، فتبعث بحفيدها ( ابن بنتها) إلى احد شيوخ القرى المجاورة ليقرأ لها ويعمل لها حجاب ( كل أسبوعين) مقابل مبلغ من المال للشيخ، فتقوم بوضع الحجاب بالماء وتشرب منه صباح مساء ،ويخيّل لها بأن هذا الحجاب هو الذي يشفيها ويخفف ألم ووجع رأسها .. ومع مرور الأيام أصاب هذا الشاب شيء من الفضول بخصوص هذا الحجاب والسر الذي يخفيه، فقام بفتحه ووجد أن الحجاب عبارة عن ورقة عادية مكتوب عليها أحرف وكلمات مخربطة وغير مفهومه ( خرابيش جاج) ... فأصبح هذا الشاب عندما تعطيه جدته المبلغ يقوم هو بنفسه بكتابة الحجاب ولصقه وتجهيزه ( يعني على نفس طريقة الشيخ ، والشغلة كلها ما تكلفة إلا ورقة ولزقه شفاف ) ويعطيه لجدته مع الوصفة والتعليمات.. وبقي هذا الشاب يعمل لجدته الحجب ويأخذ المال ( خمس دنانير على كل حجاب) لسنوات عدة ، ليوم ابلغ فيه أمه بهذا الأمر ، فقامت أم الشاب بإبلاغ الجدة بما يفعل حفيدها ..فضحكت الجدة كثيراً وقالت : والله إني كنت ارتاح وأشفى على حجب ابنك ( المنحوس والمهكَّب).
وكذا الرجل المسن الذي كان يشتكي من كل شيء في جسمه، وكلما يقوموا بأخذه للمستشفى تكون نتائج الفحوص على أحسن ما يرام ( يعني يتدّلل على أولاده)... لكن عندما أخذوه إلى عيادة الدكتورة الخاصة ( صاحبة الشعر الأشقر) شفي تماماً علما أن الدكتورة كانت تعطيه حبات من الشوكلاته (درُبس) على شكل حبوب دواء على إنها علاج لمرضه ، ( طبعاً لما يكون للحجي مراجعة عند الدكتورة يلبس أحسن اللباس ويتعطر ، ويصبغ شعره ).
فنقول بأن العامل النفسي له الدور الكبير في المرض و العلاج ، وهذا كله يعود للشخص نفسه ،فإذا استسلم للمرض وأخذه التفكير والوسواس والوهم ، ولعب الفأر بعبه، سيهزمه المرض ويبقى يشكو همومه و يتحسر على نفسه ويطلب الشفقة من الآخرين، بالمقابل هناك أناس تتحدى عجزها ومرضها وواقعها الأليم.
فالحياة مستمرة شكوت أم شكرت، والقدر مكتوب فلا تحمّل نفسك هموماً لن تستفيد منها.