في زيارة الى عمان
هذا سؤال يطرق من باب التهكم على كثيري السفر, فيقال... الحمد لله على السلامة, كم يوما هي زيارتك الى عمان؟.
لكن هذا التهكم والسخرية أو السؤال الإستنكاري, ينم عن ظاهرة كانت سابقا تخص المسؤولين من طبقة الوزراء والأمناء العامين والمدراء قبل أن يقلمها رئيس الوزراء بتقليص السفر الا للمهمات الضرورية ويلحقها بحرمان الوزراء من التمتع بالدرجة الممتازة أو السوبر على الطائرات.
لا أتحدث واللهم لا حسد هنا عن رجال الأعمال ومدراء الشركات الخاصة فمن حكم بماله ما ظلم كما يقال, لكنني أخص بالذطكر مدراء ورؤساء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة العامة والبنوك ورؤساء الغرف الصناعية والتجارية والهيئات التي لا ينفق فيها المدير أو الرئيس من حر ماله على السفر, أعرف منهم وليس من باب المبالغة يسكنون الطائرات, ويعيشون في السماء بأكثر مما تطأ أقدامهم الأرض.
هذا يفتح الباب على نقاش وهو بالمناسبة موسمه خلال عقد الهيئات العامة للشركات لإجتماعاتها السنوية هذه الأيام, ماذا يعني أن تبلغ مياومات السفر وتكاليف التذاكر لمدير عام ما في شركة أوز بنك ما أكثر من نصف مليون دينار , الأغرب أن ما تقاضاه بعض المدراء من مياومات سفر وإمتيازات يعادل أرباح الشركة وبعضهم في شركات كبرى ظلوا يتقاضون هذه المزايا وتلك المياومات رغم خسارة الشركة!!.
بعض الرؤساء والمدراء الكبار في الشركات يهتمون بإمتيازاتهم ورواتبهم العالية أكثر من إهتمامهم بأوضاع الشركات, ويصرون ويبالغون في خصم هذه الإمتيازات حتى لو كانت هذه الشركات خاسرة أو ذات ربحية قليلة.
الهيئات العامة كشفت عن جانب كان مخفيا عن المساهمين وهو المتعلق بامتيازات ورواتب الادارات العليا للرؤساء التنفيذيين, وقد أغفلتها الكتب السنوية التي تتضمن النتائج المالية والادارية رغم أنها واجبة الذكر بموجب القانون, ما حال دون إطلاع المساهمين على أدق التفاصيل في الشركات والبنوك ومنها تحديدا المزايا والإمتيازات والمكافآت للادارات العليا, وقد كانت عالية لا تتناسب مع نتائج الشركات المتراجعة وكأن هؤلاء في واد والأوضاع الاقتصادية في واد آخر.
المدهش أن المساهمين أفاقوا على واقع لم يكن مفاجئا بقدر ما كان صاعقا, وهو أن هذه الامتيازات كانت تزداد بينما كانت أرباح الشركات تتراجع أو تتحول الى خسائر, وبينما كانت الأوضاع الاقتصادية الحديث اليومي للناس كانت القيادات العليا تتمسك بامتيازاتها بل وتطالب بالمزيد .
وإن كان العالم المتقدم إكتشف خطأ عدم الربط بين مستوى أجور المناصب العليا في البنوك والشركات بالانجاز أو الربح كمقياس, أو العثرات الادارية والأخطاء المكلفة كأساس, فانه يعود اليوم لا ليقلص مستوى الأجور, إنما ليقلم المبالغة فيها بأكثر من اللازم ويربطها بالانجاز و النتائج وبالأوضاع الاقتصادية السائدة.
تتحدثون عن الرواتب العالية لمن لا يستحق؟.. هناك الكثير, ووالله لو أن هذه الرواتب تعكس إنتاجية وربحا كبيرا فهي مستحقة دون أدنى درجة من الشك, لكن ماذا عن إنتاجية تبلغ صفرا ومزايا تحلق بصاحبها في السماء كما هو حال السفر.
على مدى أسبوعين وربما أكثر سعيت لمقابلة مدير في شركة مهمة فلم أبلغ مرادي لأنه في حالة سفر دائم وعندما إلتقط هاتفي هاتفه المتجول عالميا قال سأكون في عمان نهاية الأسبوع لكن للأسف مضطر الى السفر مجددا مع بداية الأسبوع, خليها لرمضان!!.