متحدون في مواجهة التحدي
كم هو عظيم هذا الشعب الأردني، وكم هو أصيل يعلو على الصغائر، ويرتقى إلى ما هو أبعد وأرفع من متطلبات حياة إن لم تكن الكرامة عنوانها، والصبر جهادها، والايمان غايتها، ينسى أي شيء، ولا ينسى القدس ومقدساتها، وهو يعلم أن الرسول العربي الهاشمي محمد صلى الله عليه وسلم قد عبر سماءهم إلى مسراه ومعراجه، وأن ظله الظليل في المساحة التى بارك الله حولها يمتد إلى ربوعه الطيبة، وثراه الطاهر طهر دم الأنبياء والصحابة والشهداء.
وحدها المظاهرات والتظاهرات في الأردن وفلسطين تتجاوز منطق الاحتجاج إلى منطق الرسالة لمن لا يعرف التاريخ، أو يتجاهله، ولا يستخلص العبر والدروس من حتمية انكسار عنجهية القوة والطغيان أمام الحق والإيمان، هنا تسقط نظرية توازن القوى، ليحل محلها توازن الإرادة والصمود.
ليست العاطفة هي التي تملي كلاما من هذا النوع، ولكنه الواقع، بل التفكير الإستراتيجي الذي يرتكز على عناصر القوة الكامنة، المتشكلة من التاريخ والجغرافيا والسكان وثقافتهم، وكل هذه العناصر كامنة فينا، نرى آثار كل الحضارات التي مرت من هنا، ونسكن الربوع، وكل ركن فيها شاهد على انتصارنا، وفي وجدان كل أردني هوية وطنية قومية إنسانية عز نظيرها!
وأي دليل أقوى من قدر يربط القدس ومقدساتها بملك هاشمي، تصطف به ومعه أمة لا تبادل كرامتها ومجد تاريخها، وصبر حاضرها وأمل مستقبلها، بإغراءات دنيوية واهية، ولا تحفل بتهديد أو وعيد، تدرك أن ما هي مدعوة للتنازل عنه هو ملك لله وحده، وهي مؤتمنة عليه، دونه النفس والنفيس.
هنا يكمن السر الذي يبدد المفاجأة عند أولئك الذين لا يعرفون أن الأردن وحدة واحدة حين يتعلق الأمر بقضايا الأمة ومصيرها، فلا موقف رسمي وآخر شعبي، ولكنه موقف أردني هاشمي مبني على عهد النبي وآله وصحبه الكرام، وهم على موعد معه آناء الليل وأطراف النهار، فهل بعد ذلك من تراخ أو وهن وتسليم؟
هناك في القدس وفي الحرم الشريف مرابطون مدافعون، هم أبناء الأسرة الأردنية الفلسطينية الواحدة، انظروا إلى أولئك الذين يديرون الأوقاف الإسلامية، وشؤون الحرم القدسي الشريف يخدمونه ويحرسونه ويقيمون فيه، وقولوا لنا من هم هؤلاء؟ غير أنهم جنود تلك الأرض المباركة، الممتدة على ضفتي النهر المقدس؟
على هذا الأساس تعالوا نقيم موقفنا متحدين في مواجهة التحدي، فالتحدي كبير وخطير!